حكاية بقلم ندى محمود
المحتويات
البائسة وهي تعود لتجلس فوق مقعدها أمام الطاولة وتشيح بوجهها للجهة الأخرى تتفادى النظر إليه عمدا كإشارة بسيطة ترسلها له من خلال تلك التصرفات أن ما حدث كان مجرد حالة لحظية لا تعني
شيء وأنها لن تكون دليل على مسامحتها أبدا
تحرك خلفها ليجلس على مقعده أمامها ويستمر في تمعن النظر بها بأسى هي لا تعطيه اهتماما لكن عينيه لا تحيد عنها تتأملها في عمق لا يؤذيه تمعنها عن الغفران بقدر شعوره بعدم ثقتها به في أي شيء تلك المشاعر السلبية التي تنطلق منها إليه تقتله الما !!!
خمس سنوات مرت منذ أن قرر بالفرار من كل شيء وكانت هي في المقدمة تلك القائمة التي يود الهروب منها ظن أن السنوات والبعد سيقضى على عشق لم يجد مأواه مع عاشقه لكن لم تزيده السنوات إلا ألما وشوقا يتخبط كل ليلة بأشواقه وأحلامه التي
قلبه أخذ يطرق بقوة يرسل للجميع دليلا بأن الليلة التقى أخيرا بذلك المعشوق الذي ارهقه لسنوات والإبتسامة صعدت بشكل لا إرادي
فوق شفتيه أما عينيه فحملت لمعة العشق والشوق لكم يرغب الآن بضمھا إليه يستنشق رائحتها فتتخلل إلى نفسه المشتاقة
رمشت زينة بعينها عدة مرات في عدم تصديق حتما تحلم لا يعقل أن تكون تراه بالفعل أمامها بل هو حتى لم يعد هشام التي تعرفه ! أين جسده النحيف وشعره الذي يستمر بحلاقته كلما ينمو بسبب انزعاجه من الشعر الطويل أصبحت بنيته ضخمة وجسده رياضي ومثاليا أما شعره الناعم سرحه بشكل عصري ورائع حتى
ظلوا يتطلعون ببعضهم في صمت أحدهم لا يبالي بشيء سوى بإشباع عينيه من النظر لذلك الوجه الجميل والأخرى تتملكه الصدمة قطع لحظتم قدوم ميرفت التي بمجرد ما أن لمحت عيناها هشام صاحت بعدم تصديق
هرولت إليه شبه ركضا تضمه لها بقوة وتضحك بعدم استيعاب لم يكن مجرد ابن أخت زوجها بل هو ابنها أيضا كان لها دورا كبيرا في تربيته مع أمه وكبر على يديها
هتف هو بابتسامة عذبة تملأ شفتيه كلها
وحشتيني يا فوفا
أدمعت عيناها من فرط سعادتها وابتعدت عنه تلكمه في كتفه بخفة وتهتف بعتاب
والله أنا اتصلت بماما الصبح وقولتلها إني راجع ولما عديت من قدام البيت عندكم بالطريق قولت لازم انزل واشوفكم
ميرفت بعينان دامعة وشقتين منفرجتين
وحشتنا أوي ياغالي
القى نظرة خاطفة على زينة وغمغم بنبرة منبعثة من صميمه
صدقيني وانتوا أكتر والله أنا مكنتش عايش هناك
طالما رجعت مش هنسيبك تمشي تاني خلاص
هشام باسما بنظرة ذات معنى
وأنا مش ناوي أفارق تاني أساسا
عقدت زينة ذراعيها أمام صدرها رغم سعادتها بعودته إلا أنها مستاءة منه لغيابه طوال كل تلك السنوات دون أن يتواصل معها بأي شكل من الأشكال
سمعها تهتف متذمرة بجفاء مزيف
لسا فاكرني ولا نسيتني كمان يا دكتور
رمقها بعينان مغرمة وهائمة ليهمس بصدق
أنا حتى لو حاولت انساكي مش هعرف يازينة
ابتسمت له ولانت ملامحها الحازمة لتقترب منه وتعانقه برقة هاتفا في مداعبة وفرحة تظهر بوضوح في صوتها
حمدالله على السلامة وحشتني أوي ياصديقي
رغم انزعاجه من وصفها له بصديقها إلا أن ذلك العناق الذي كان يتمناه حصل عليه أخيرا فلم يبالي بأي شيء سوى بأن يغذي نفسه الواهنة برائحتها وقربها وللأسف لم تدم سعادته طويلا حيث ثواني معدودة وابتعدت عنه وهي تبتسم باتساع
وقعت عيناه على كفها الأيمن فلمح ذلك الخاتم الذهبي الذي يزين أصبعها تلاشت الابتسامة فوق شفتيه وتجمدت معالم وجهه ليظهر عليها الدهشة والألم بآن واحد انتبهت لنظراته الثاقبة فوق أصابعها فرفعت كفها تنظر للخاتم ثم تجيبه بحماس
تعالى ادخل بس الأول وبعدين هحكيلك ده في حجات كتير حصلت في غيابك ياعم ادخل يلا
ميرفت ببهجة وسعادة
أنا الفرحة مش سيعاني والله بشوفتك يابني
كان بعالم موازي لا يستمع لأي شيء فقط ذلك الشعور المؤلم
متابعة القراءة