حكاية فارس كاملة
فى أحد أحياء القاهرة المزدحمة بالطبقة المتوسطة وما تحتها ...حيث نرى سلاسل البنايات المتراصة دون تناسق..... ملتحمة بعضها ببعض وكأنها تشد أزرها وتهون عليها أثر هذا الزحام الغير مقصود من التكتلات العائلية والاسرية البسيطه... مع اختلاف الالوان والعقائد والمعاملات.... حيث الاختلاف النوعى البشرى الطبيعى والذى تتميز به بلدنا عن غيرها من البلاد ....نعم تختلف العقيدة واللون والمستويات الاجتماعية منذ سنوات وسنوات ....ولكن أجتمعوا على حب هذه الجيرة القديمة والاثار المترتبة عليها من ود وشهامه وتقارب روحى وصلة لا تنفك ان تنقطع ابدا.... ففيها يطيب السمر بأجتماع الاحبة وتختزل الذكريات الجميلة وتحلو سنوات الطفولة بكل تفاصيلها التى تأبى الذاكره على محوها يوما ما.....والتى أنطلق من خلفيتها شباب وفتيات فى عمر الزهور فى مجالات التعليم والعمل المختلفة كل له هدف وأتجاه وطريق يتخذه سبيلا لتحقيق طموحاته
أتسعت ابتسامته وخفق قلبه بشدة وهو يخطو نحوها بخطوات واسعة مضطربة وهو يبادلها الهتاف بتكلمى جد......قوليلى بسرعه تقديرى ايه وتقديرك ايه
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بأبتسامه واسعه تدفع كام
أبتسمت فى شغف قائلة مبروك يا سيدى جيد جدا زى كل سنه ...وانا طبعا مقبول زى كل سنه
ضحك فى سعادة كبيرة وهو يفرك كفيه فى بعضهما البعض قائلاالحمد لله أنا كده حطيت رجلى على أول سلمه
ضحكت دنيا بينما أقبلت عليهما فتاة أخرى تمشى نحوهما وعينيها مثبتة على فارس وعلى السعادة التى تبدو على وجهه وما أن أقتربت حتى قالت بمرح مبروك النجاح من غير ما أعرف النتيجه
قالت بسعادة بالغه الحمد لله أنا كنت متأكده
أمسكت دنيا بكف فارس ونظرات الغيرة مطلة من عينيها وهى توجه حديثتها ل عزة قائلهالله يبارك فيكى يا عزة عقبال ما تباركيلنا على الخطوبة قريب إن شاء الله
أطرقت عزة براسها وقالت بهدوئها المعتاد مبروك مقدما عن أذنكم
نظر لها فارس بأمتنان قائلا قوليلها طبعا وهى أصلا منبهه عليا أول ما أعرف النتيجه أكلمها على طول ..وأردف مبتسما انتى عارفه بقى خالتك أم فارس مش هتستنى لما أروحلها.....
ضحك فارس وضحكت وهى تلوح مودعة لهمايلا أمشى أنا بقى سلام ..ومبروك مره تانيه
لوح لها فأمسكت دنيا يده وهى تقف أمامه وتنظر اليه بشك قائلةطبعا لو قلتلك انا مبحبش البت دى هتقولى دى جارتى ومتربين مع بعض ومينفعش مكلمهاش..مش كده
قبض على كفها ببطء وهو يقول بقولك إيه سيبك من الكلام الفاضى ده وتعالى نروح نقعد فى أى حته
أستقلت معه أحد سيارات الاجرة وهى تهمس بتذمر واضح
كده يا فارس بتركبنى ميكروباص ده انا عندى أخدها مشى أحسن
أشار لها أن تصمت حتى يترجلا من السيارة ...ترجلت دنيا من السيارة بمعاونة فارس وقفت أمام الحديقة عاقدة ذراعيها أمام صدرها بحنق قائلةهى دى المفاجأه جايبنى جنينه زى دى
أختفت الابتسامه من محياه وهو ينظر اليها بحزن قائلا
ما انتى عارفه يا دنيا انا مقدرش على غير كده ....أنتظرها تجيبه ولكنها ظلت عاقدة حاجبيها حانقة
فاردف قائلايعنى هتضيعى علينا الساعه اللى خارجينها مع بعض ..أمشى يعنى!
قالت وهى تلوح بعدم رضى لا متمشيش.. أمرى لله يلا ندخل
جلسا الى مقعد أمام النيل مباشرة وألتفت اليها ونظر لها بحب قائلادنيا ..انا عاوز آجى أتقدم بقى
ألتفتت اليه بسرعة قائله لالا مش دلوقتى لما مرتبك يزيد شويه
فارس يا حبيبتى الدكتور حمدى وعدنى أول لما أتخرج هيزود مرتبى على طول يبقى نستنى ليه بقى..
دنيايا حبيبى مش قصدى... أنا قصدى يعنى نصبر شويه ..لما المرتب يزيد ونشوف هنعمل ايه
نظر لها بأستنكار وألتفت الى النيل مرة أخرى ولم يتحدث ...شعرت دنيا بغضبه وأستنكاره فهو دائما يظهر فى عينيه ما لا يريد البوح به
فقالت مستدركه يا حبيبى أفهمنى أنا عاوزاك تصبر لما تشوف تعينات النيابه مش جايز حلمك يتحقق وتبقى وكيل نيابه قد الدنيا وساعتها تتقدم بقلب جامد لبابا
أستدار اليها بجسده دفعة واحدة وقال بعصبيه
انتى كمان عاوزانا
نستنى تعينات النيابه يعنى ندخلنا فى سنه كمان...ويمكن أكتر الله أعلم
دنيا
بتوتر طب وفيها ايه يا حبيبى فات الكتير ما بقى الا القليل
هز راسه حانقا وهو يقول غريبه أوى أى بنت مكانك هى اللى تحب ترتبط بالراجل اللى بتحبه ...مش عارف ليه انتى اللى عماله تطولى فى المده وانا اللى مستعجل المفروض العكس يا دنيا...وبعدين انتى كده هتطلعينى عيل قدام مامتك ..انتى ناسيه انى وعدتها أتقدم اول ما اتخرج على طول
قالت دنيا بأبتسامه تريد بها أمتصاص غضبه ملكش دعوه بماما انا هفهمها إن التأجيل منى انا مش منك انت ..خلاص يا سيدى ارتحت
هز راسه نفيا وقال باعتراض لا مرتحتش طبعا ..انا مش فاهم انتى ليه مصممه على التأجيل انتى عاوزانى وانا وكيل نيابه وبس يعنى غير كده لاء
أخذت دنيا حقيبتها بتردد وهى تقول
فى ايه بقى أنت كل شويه تقولى كده ليه.. انت عارف كويس أوى انى بحبك ومقدرش أستغنى عنك
أبتسم بسخرية وقال هامسا اه ماهو باين...ثم نهض واقفا وهو يقول يلا بينا اروحك علشان اروح انا كمان زمان ماما مستنيانى بفارغ الصبر
أقترب فارس من الحى الذى يقطن به وهو ينظر للأعلى فى تسائل وهو يشاهد الزينة والكهرباء المعلقه فى تناغم بين الوانها المبهجه ايه ده هو فى فرح النهارده ولا ايه
أستقبله صديقه عمرو وهو يفتح ذراعيه فى الهواء مداعبافارس باشا ..الف مبروك النجاح ... عقبال النيابه وتبقى باشا رسمى وتشرفنا فى كل حته ونتفشخر بيك كده
ضحك فارس لمداعبة صديقه ورفيقه عمرو وبادله المداعبه قائلانتفشخر...ده انت بيئه صحيح
صفق عمرو بمشاغبة وقال ايوه هنبدأ بقى من اولها ..ماشى ياعم يحقلك اكتر من كده بكره هنقابلك بالحجز وبدفتر المواعين قصدى المواعيد
وضع فارس ذراعه على كتف صديقه وهو يقول ده انت يبنى ڤضيحه بجد الناس بتتفرج علينا ...قولى بقى هو فرح مين النهارده
قال عمرو وهو يلوح بذراعه فرحك انت يا عريس ..أمك اول ما سمعت الخبر مسكتتش وقعدت تزغرد والحبايب بقى صمموا يعلقوا الكهربا دى علشانك...ورفع يديه بالدعاء قائلاعقبالى يارب لما أتخرج كده وابقى مهندس قد الدنيا
ثم همس فى اذنه أم عزة قاعده مع أمك وشاكلهم كده عاوزين يدبسوكوا فى بعض
نظر له فارس باستنكار قائلاهما ايه مبيزهقوش قلت لماما مية مره انا بحب دنيا وهتجوزها ومش هتجوز غيرها مفيش فايده...
وقف عمرو ونظر اليه بتفحص قائلاانت بتكلم جد يا فارس يعنى عزة مش على بالك خالص
فارس يابنى ده انت صاحبى يعنى المفروض عارف كل حاجه عنى بتسألنى سؤال زى ده برضه
وبمجرد ظهورهما عند بداية المنعطف الذى يجاور منزلهما بدأ شباب الجيران فى التهافت عليه وتهنئته وبمجرد ولوجه الى بوابة منزلهم المتواضع أستمع الى صوت زغاريد الجارات من النساء وأقبلت عليه والدته تقبله وتحتضنه بسعادة بالغه وهى تقول مبروك يا حضرة وكيل النيابه المحترم
ضحك فارس وعمرو وقال الاخير شكله بالكتير اوى بش كاتب
ضړبته أم فارس على كتفه وهى تقول بس يا واد يا عمرو ايه اللى انت بتقوله ده طب بكره تشوف فارس ده هيبقى ايه
الټفت عمرو الى فارس قائلاشفت ياعم مش لسه كنت بقولك
أنتهت الاحتفاليه البسيطه بسرعه وما أن أغلق الباب على فارس ووالدته وحدهم حتى قالت له مؤنبة كده برضه تحرجنى قدام أم عزة
أقترب فارس من والدته وقبل رأسها قائلاليه بس يا ست الكل هو انا عملت ايه
نظرت له بعتاب وقالت بقى أقولك عقابل ما نفرح بيك انت وعزة ترد تقولى لاء عزة الاول لازم أطمن على أختى الاول..بتستعبط يا فارس
جلس فارس على اقرب مقعد وهو يبتسم لوالدته قائلايا حاجه ما انتى عارفه من الاول ان عزة زى أختى وعارفه انا ناوى أتجوز مين
قالت والدته بأنفعال وهى تجلس على الأريكة بجواره
انت عارف انى مبطقش البت دى يا فارس هتجيبها تعيش معايا هنا ازاى
تقدم نحوها وقبل كفها عدة قبلات سريعه وقال برجاء
ياماما انتى عارفه انى بحبها وهى كمان بتحبنى وبعدين يا ست الكل مش انتى يهمك سعادتى برضه..وانا مش هبقى سعيد مع واحده تانيه..علشان خاطرى يا ماما حاولى تتقبليها علشان خاطرى
ربتت على رأسه وقالت بحنان يابنى والله يهمنى سعاتك وكل حاجه بس انا اصلا مبحسش ان البت دى بتحبك زى ما بتحبها قلبى مش مرتاحلها ابدا
رفع عينيه اليها وقال مؤكدا لا والله يا ماما انتى ظلماها دنيا طيبه جدا وبتحبنى اوى بس هى مشاعرها مش بتبان عليها بسرعه وبعدين بقى فى حاجه متعرفيهاش
والدته باهتمام حاجة ايه
الټفت حوله وكأنهما ليسوا وحدهما فى المنزل وقال بصوت خفيض عمرو حاطط عينه على عزة بس شكله كده مستنى لما يتخرج هو كمان
نظرت له تتفحصه وهى تقول بتكلم جد يا فارس هو اللى قالك كده
أومأ فارس براسه وأغمض عينيه فى حركه مسرحيه وقال بثقة مش لازم يقولى يا حاجه...... انا بلقطها وهى طايره فى الهوا
ضړبته على كفه وهى تقول تصدق