حكاية كنت معاها بقلم الكاتبة شهد محمد جادالله
المحتويات
متقوليش حمود دي !
الثالث والأربعون
كلما كنت أحتاجك وجدتك على الفور إلى جانبي قبل أن أطلب منك ذلك حتى سبحان من جعل منك سندا لي وعونا في هذه الحياة القاسېة التي لا ترحم أحدا
وقفت تباشر الخادمة وهي تعد الطعام بملامح متقلصة نافرة جعلت الخادمة تتسائل مستغربة
واه كنك يا ست چمر
وضعت يدها تسد انفها وقالت بنفور
واه ده انا طبيخي زين و طبخاه بالسمن حتى دوجي
قالتها وهي ترفع المعلقة معبئة بمهروس البامية المطبوخة الذي يسمى ويكا لديهم لتنفي قمر برأسها وترفض قائلة
لع مش لادد علي اني مش هاكل منيها ابجي چيبيلي خرطة چبنة جديمة من البلاص
بس ياست جمر أنت لازمك غذى والعيل اللي في حشاكي لازمه وكل عشان يطلع صحته زينة
بس يا ست جمر
واه اسمعي الكلام اللي هجولك عليه من سكات
وعند أخر جملة صدرت من قمر كانت تدلف ونيسة للمطبخ ولم تسمتع إلا لسواها لذلك هدرت بحدة متهكمة
والله وبجيتي تأمري وتنهي ياجمر من غير ما تعملي اعتبار لحد
انا مجولتش حاچة يأما ونيسة دي
قاطعتها ونيسة بقسۏة وبسوء نية
شهقت الخادمة بينما هي نكست رأسها ولم تجرأ على الرد عليها احتراما لزوجها الذي كانت غافلة كونه استمع لحديث والدته بالصدفة حين اشتاق لها و اتي يبحث عنها لتستأنف ونيسة وهي تلوي شدقها
بكفياك يا أما
قالها وهو يقف على أعتاب المطبخ لتلتفت ونيسة له قائلة
وانا جولت ايه اتشطر على مرتك اللي سيجاك كيف البهيمة
غامت عيناها ونكست رأسها ثم استئذنت قائلة بنبرة مخټنقة على وشك البكاء
عن اذنكم
تنهد هو بضيق لرؤيتها بتلك الحالة ثم قال لوالدته معاتبا
هنا تدخلت الخادمة قائلة
ايوة صوح يا سي حامد هي مجالتش حاچة دي كانت هتطلب مني اطلعلها حتة چبنة من البلاص واني كنت هتحايل عليها عشان تاكل وكل زين للي في بطنها واخر ما زهجت مني جالتلي اسمعي الحديت من سكات على داخلة ست ونيسة
هز حامد رأسه متفهما ثم طلب منها أن تغادر المطبخ وقال مؤازرا زوجته
هتدافع عنيها ولا
كأنها سحرالك ده بدل ما تطلجها وترميها لأهلها عشان طلعت جليلة الأصل وخانت عيشنا وملحنا وخبصت على ابوك
مرتي مش جليلة الاصل مرتي ست البنات وشهدت بالحج وعاملة بأصلها بدليل انها مفتحتش خشمها وياك بنص كلمة ولا ردت على حديتك الواعر ليها ونجرزتك جبل سابج
يعني ايه هتجسيك عليا انا كمان إياك كيف ما جستك على ابوك
لع يا أما مفيش جوة تجدر تجسيني عليكم وهفضل طول ما ربنا عطيني عمر ابركم واتجي الله فيكم وهجبل أيتها حاچة منيكم لكن مش هجبل على مرتي ويكون في معلومك لو تنيتك بتعامليها إكده أني هخدها ونسيب الدار وهروح اعيش مع أهلها في أسيوط
لطمت ونيسة و ولولت قائلة
عاوز تهملني لحالي يا حامد إكده دي اخرتها يا ولدي
انا عمري ما اجدر اهملك يا أما بس انت هتچبريني لكده
ليتنهد بعمق ولم يطاوعه قلبه حين رأى الحزن والكسرة تحتل تقاسيم وجهها
يا أما الله يرضى عليك افهميني وريحيني
انا هحبها ومعوزش حاجة تنغص عيشتى وياها وخصوصا أن ربنا عوض صبرنا خير بحبلها بلاش يا أما تكون سبب في تنغيص عيشتي ولو عندي خاطر عندك حني عليها دي مفيش اطيب من جلبها وبكفاية أن ولدك هيعشجها وروحه فيها
هزت ونيسة رأسها بشيء من الاقتناع في سبيل عدم تركه لها ليتحدث بعطف وحنان شديد
ربنا يخليك فوج روسنا يا أما
اخذت حمام دافئ كي تريح جسمها وفور انتهائها جلست بروب الاستحمام على ذلك المقعد الصغير أمام مرآتها تمشط شعرها
فكانت شاردة تتذكر حفل زفاف ميرال وكم كان رغم بساطته إلا أن سعادتهم طغت على كل شيء وكانت دليل قاطع كون السعادة لم تكن يوما بالمال فكم كانت تأمل من قبل بحفل زفاف مثل حفلها ولكن الآن اختلفت قناعاتها ورغم أنه ألح كي يستأنف تحضيراته إلا أنها رفضت رفض قاطع وعارضته فيكفي ان الله عوضها به وأعاده لها لتنعم بقربه وبتلك القطعة التي تأمل أن تشبهه و تنمو بين أحشائها
سرحانة في ايه يا مغلباني
قالها وهو يستند على إطار الباب ويكتف يده لتلتفت له وتقول ببسمة هادئة
فيك يا حبيبي
اتسعت بسمته الدافئة ثم اقترب منها بعد ان اقفل الباب ثم جلس على طرف الفراش القريب من جلستها ثم ادارها من جلسته على ذلك المقعد الدائري
بطلي أونطة يا مغلباني وقوليلي كنت سرحانة فأيه
أجابته وهي تنظر لانعكاسهم بالمرآة
ابدا الفرح امبارح كان يجنن وميرال ومحمد كانوا
مبسوطين اوي
هز رأسه يؤيدها ثم تناول المشط من على التسريحة أمامها وتحدث وهو يمشط به شعرها بحركات حريصة متباطئة
ربنا يسعدهم محمد جدع ويستاهل كل خير
تأهبت قائلة بدفاع قوي
وميرال كمان تستاهل كل خير مش محمد لوحده
اجابها ببسمة مشاكسة وهو منشغل في تمشيط خصلاتها
خلاص متتحمقيش بصراحة مكنتش برتحلها الأول بس بعد وقفتها معاك ودفاعها عنك غيرت رأي فيها
هزت رأسها بتفهم ثم التفتت من جديد له ولكن بكامل جسدها قائلة
انا مبسوطة اوي علشانها ونفسي كمان افرح ل نغم تخيل أن فايز اتقدملها
فايز مين
تلعثمت وهي تنكس رأسها
فايز صاحب ط
قاطعها قبل أن تنطق بأسمه
متكمليش عرفته بس ده عيل فاقد ومش شبهها
انا كمان كنت فاكرة كده بس هي بتقول أن ربنا هداه وبقى حاجة تانية خالص
أومأ لها ودون ارادة منه تغير مزاجه على ذكر ذلك الشخص الذي عنفه من قبل كي يخبره بمخطط صديقه اللعېن بذلك اليوم المشؤم لاحظت هي وجوم وجهه وتسائلت
يامن مالك
نفى برأسه ببسمة باهتة وأجابها
واضح كده ان لو حصل نصيب مش هجتمع معاهم ابدا
كلنا كنا ضايعين زمان وربنا هدانا واتغيرنا علشان خاطري بلاش تقرر من غير ما تشوفه مش يمكن تبقو اصحاب وبعدين ربنا غفور رحيم إحنا يا بشړ مش هنسامح
تنهد بقوة وهمس
هحاول علشان خاطرك
اتسعت بسمتها ورفعت رأسها له متمتمة بسعادة متناهية
يامن هو انا قولتلك قبل كده إني بحبك
هز رأسه بنعم لتستأنف هي
بعشقك يا يامن والحب كلمة ملهاش قيمة من كتر اللي جوايا ليك
قلب وروح يامن أنت يا مغلباني ربنا ما يحرمني من قربك ابدا
ابتسمت باتساع وهامت به قائلة وهي تكوب وجهه
متقلقش انا هفضل لازقة فيك العمر كله ومش هتخلص مني ابدا
ادار جسدها ليشرف عليها هامسا بنبرة لعوب تعرف ماذا سيحدث بعدها
احب ما على قلبي قربك انا اصلا مش بعرف اتنفس وانا بعيد عنك
بحبك
شاكسها بنبرة لعوب
لأ اثبتي معلش انا مش عايز كلام انا عايز أفعال
ب ح ب ك
اعترض بمكر
اثباتاتك ضعيفة اوي معجبتنيش تسمحيلي بقى اوريك ازاي
دخلت هي الشركة التي تعمل بها و تملكها صديقتها بخطوات اعتيادية رتيبة في طريقها لمكتبها وما إن وصلت وكادت تضغط على مقبض الباب حين استمعت لصوته الرخيم وجمدت بأرضها فقد رأته يقف مع سارة أمام غرفة مكتبها
متشكر جدا يا بشمهندسة سارة انا كده سددت قيمة التكاليف كلها وبجد سعيد إني اتعاملت مع حضرتك
الشكر كله ل رهف هي اللي خلصت العيادة في وقت قياسي وطلبت مني اسلمهالك
هز رأسه بحركة بسيطة وابتلع غصة قلبه قائلا
اشكريها بالنيابة عني
عن اذنك
لتسمح له سارة ببسمة عملية ويلتفت كي يغادر ولم يلحظ وجودها ولكن حين أن قلبه علم انها قريبة منه فقد تناول نفس عميق كي يدعم قلبه الذي يختنق من شدة الألم واكمل طريقه بنظرات ثابتة على باب الخروج دون أن يعيرها أي اهتمام اوحتى يمنحها نظرة خاطفة
مما جعلها تتبع ظهره بنظراتها وتشعر بشيء يثقل قلبها فتلك ليست أول مرة تراه بها بعد ماحدث فقد تعددت الصدف بحكم جيرتهم ولكن هو يتعمد في كل مرة أن يفي بوعده ويتجاهل وجودها حتى انه يتصرف وكأنه لم يصادفها قط بحياته وبطريقة ما يحزنها الأمر ويثقل قلبها ولا تعرف تفسير لذلك إلا أن وضوحه معها وتحليله لنفورها اخجلها من ذاتها ودون قصد قامت بإيذائه كما تأذت هي
أخذها للطبيبة كي يباشر حملها ويطمئن على صحة الجنين وهاهم ثلاثتهم يجلسون داخل العيادة ينتظرون دورهم فكانت تتأمل كل النساء من حولها بأنتباه شديد حين مال عليها هامسا
نادين مالك بطلي بحلقة في الناس
تنهدت ونكست نظراتها وقالت متوجسة
يامن هو انا هبقى شبهم كده الشهور الجاية
رفع منكبيه وكأنه شيء بديهي لتشهق هي وتقول بړعب
معقول هبقى شبه البالون كده لأ انا مش عايزة اتخن انا بحب جسمي كده
استمعت ثريا لأعتراضها وطمئنتها قائلة
متقلقيش يا بنتي جسمك بيرجع زي الأول بعد الولادة كلنا كنا كده
ايوة يا امي طمنيها وبعدين متقلقيش شوية رياضة هيرجعوك احلى من الأول
ليضيف بهمس ماكر امام اذنها
لو إني حبيت جسمك وهو كده اكتر
شهقت بخجل ونكزته برفق بذراعه موبخة بنظرات زائغة تخشى أن يكون استمع إليهم احد
بطل يا معډوم الادب هتفضحنا ضحك باستمتاع على خجلها ثم همس من جديد متوعدا
هبطل دلوقت بس لما نروح هعرفك معډوم الادب هيعمل فيك ايه
هزت رأسها بلا فائدة وثبتت نظراتها على ليدها و تحاول ان تتغلب على توترها وتستمد القوة منه كعادتها ليشدد هو اكثر على كف يدها وكأنه يطمئنها انه معها ويؤازرها بكل اوقاتها وحين رفعت نظراتها إليه غمز لها بتلك البسمة البشوشة الدافئة التي لطالما اشعرتها بالطمئنينة والأمان
بعد دقائق عدة كانت الطبيبة تقوم بفحصها واتمت الأمر بتمديدها على تلك الاريكة المكتنزة خاصة الكشف وتمرير الاداة الخاصة بجهاز الموجهات فوق الصوتية على بطنها ساد الصمت لدقائق لحين ابتسمت الطبيبة وهي تتمعن بشاشة الجهاز لتتسائل ثريا مترقبة
خير يا دكتورة طمنينا ربنا يكرمك
هزت
الطبيبة رأسها وقالت مطمئنة
خير يا حجة نادي ابنك علشان يشوف ولاده
توقفت ثريا عند أخر كلمة وتسائلت غير مصدقة
ولاده ازاي يعني
المدام حامل في توأم يا حجة الظاهر قدامي كيسين حمل مبروك
تهللت اسارير ثريا وقالت بفرحة عارمة وهي تربت على كتف نادين التي كانت مصډومة وغير مصدقة
يا ألف نهار ابيض يألف نهار مبروك الحمد والشكر لله ربنا يقومك بالسلامة يا بنتي ويجعلهم بارين بيك وبأبوهم
انا هروح اندهله ده هيطير من الفرحة وبالفعل ما إن فعلت كاد يجن جنونه وهرول إليها بخطوات متلهفة تزف سعادته
ليبتسم بأتساع حتى كادت البسمة تشق وجهه وهو يرى انعاكسهم المموه على شاشة لتقول الطبيبة وهي تجفف الچل الداعم عن بطنها بأحد المناديل الورقية
مبروك يا استاذ يتربوا في عزك
مش مصدق يا نادين
متابعة القراءة