حكاية بقلم نونا المصري
المحتويات
وكأنه لم يبتسم منذ دهور لا بل اصبح وجهه متشنجا كثيرا حتى برزت عظام فكيه القوية وكانت عيناه مشټعلة يكاد اللهب يخرج منهما وهو يركز على الطريق
وسرعان ما وصل حتى ركن سيارته في مكانها المعتاد ثم نزل منها كالأسد الهائج ودخل إلى الشركة كأنه اعصار اقسم على ان يدمر كل شيء يقف في طريقه بينما كان الموظفين يرتعدون خوفا من بطشه حيث مر في ردهة الشركة كما لو ان هالة شيطانية قد تلبسته وذهب إلى قسم المراقبة الالكترونية حيث كانت المشكلة ما ان وطأت قدماه ذالك القسم حتى قال بصوت اشبه بهزيم الرعد ايه اللي سمعتو دا ازاي قدر الهاكر الحقېر دا انه يخترق نظام شركة ادهم عزام السوفي ويتسبب في مشكلة
زاد خوف الموظفين ولم يجرؤ أحد على النطق بأي كلمة لان ادهم كان في ذروة غضبه المرعب اما كمال فازداد توتره وقال بارتباك شديد ارجوك يا ادهم اهدا لان العصبية مش هتحل المشكلة دلوقتي وقولنا هنعمل ايه
رمقه ادهم
بنظرة ثاقبة واردف بصوت اجش اللي قلته يتنفذ بالحرف الواحد يا كمال والا اعتبروا ان المسألة دي مش هتعدي على خير ابدا والاحسن انكوا تبتدوا شغل من دلوقتي علشان نرجع الخسارة اللي حصلت بسبب فريق المراقبة الفاشل اللي حضرتك مشغله
في تلك اللحظة شعر ادهم بالڠضب من نفسه لأنه تحدث بعصبية مع زوج اخته وشريكه وصديقه وبئر اسراره امام الجميع ولكن لا مجال
للتهاون في ما يخص العمل بالنسبة له لذا قال بصوت عادي ولكن يغلبه الجمود اتفضلوا على شغلكوا
ثم غادر المكان بأنزعاج اما كمال فكان يشعر بداخل اعماقه بالهزيمة والانكسار لان فريق عمله كان مهملا للغاية وتسبب في مشكلة كبيرة للشركة لذا صاح بهم بصوت هز ارجاء المكان يكون في علمكوا لو الغلطة دي اتكررت تاني فاعتبروا ان نهايتكوا قربت انتوا سامعين !!!
دخل ادهم ثم اخذ يفك ربطة عنقه پعنف وكأنها كانت تمنع عنه الهواء وسرعان ما صب جام غضبه على محتويات الغرفة المسكينة فاخذ ېحطم كل شيء من حوله وهو ېصرخ بزمجرة كزئير التنين الغاضب بينما كانت سلمى ترتعد خوفا في الخارج
وهي تسمع صوت التحطيم
عودة إلى قصر عائلة السيوفي
كانت مريم جالسة برفقة السيدة كوثر وأمينة وابنتها وفاء بعد ان غادر معاذ وزوجته الى عملهما فابتسمت امينة وقالت بنبرة اعجاب بسم الله ما شاء الله انتي قمر منور يا ست هانم
ابتسمت مريم بخجل وقالت متشكرة يا طنت امينة
اما وفاء فقالت وهي تلعب مع ادهم الصغير اخيرا بقى في حد اتسلى معاه في البيت الكئيب دا
فضحكت السدة كوثر بينما نهرت امينة أبنتها بقولها بت انتي اتأدبي بدل ما اقطع لسانك
ردت عليها السيدة كوثر من بين ضحكاتها سيبيها يا امينه دي لسه صغيرة وبعدين معاها حق يعني احنا فعلا كنا عايشين في كآبة لحد ما اكتشفنا ان عندنا حفيد وكنة حلوه زي القمر نوروا البيت من ساعة ما جم
أبتسمت مريم واردفت ربنا يخليكي يا طنت دي انتي اللي زي القمر وحنينه
فقالت امينه ياااه جمال وادب واخلاق فعلا ادهم بيه اختار جوهرة
في تلك اللحظة شعرت مريم بالخجل يكسو وجنتيها من فرط المديح والثناء الذي سمعته من امينة والسيدة كوثر منذ الصباح فأرادت ان تفتح موضوعا اخر لذا استطردت قوليلي بقى يا وفاء انتي عندك كام سنه يا حبيبتي
فأبتسمت وفاء قائلة يناير الجاي هتم 18 سنه
مريم يعني بقيتي عروسه خلي بالك اكيد العرسان هيتجننوا عليكي
احنت وفاء رأسها وابتسمت بخجل دون ان تعلق بينما تدخلت امها قائلة وفاء لسه صغيرة يا مريم هانم يعني لسه قدامها طريق طويلة لغاية ما تفكر في الموضوع دا وبعدين اهم حاجة دلوقتي انها تتخرج من المدرسة علشان تخش الكلية لان دي رغبة بباها
قالت جملتها الاخيرة وهي تشد على كلماتها وتنظر إلى ابنتها التي كانت بجانبها وكأنها تهددها بأن لا تفكر في موضوع الزواج قبل التخرج من الجامعة حتى فأدركت مريم ما كانت تقصده هذه المرأة العنيدة لذا ابتسمت بلطف وقالت عندك حق اهم هاجة دراستها
اما السيدة كوثر فضحكت قائلة الله عليكي يا امينه عمرك ما هتتغيري ابدا وهتعملي اللي في دماغك دايما يعني فيها ايه لو لاقيتي عريس كويس لبنتك وجوزتيها صغيرة مهو انا كمان اتجوزت لما كنت في سنها واديني عايشة مبسوطة والحمد لله وعيالي حوليا
ابتسمت امينة واردفت زمنهم غير زمنا يا ست هانم يعني هي لازم تتعلم ويبقى عندها خبرة في الحياة قبل ما تتجوز
فقالت وفاء بجرأة متقلقيش يا ماما انا هكمل دراستي الاول وبعدها لو حصل نصيب هتجوز يعني اكيد مش هتخلليني جنبك صح
في تلك اللحظة اڼفجرت السيدة كوثر ضاحكة بينما ابتسمت مريم بلطف اما امينة فنظرت إلى بنتها وقالت بدهشة ېخرب بيتك انتي جبتي البجاحة دي منين يا بنت !
ابتسمت وفاء بسذاجة وردت عليها دي مش بجاحة يا ماما دي اسمها ثقه على العموم انا هروح اعمل شوية اكل لادهم بيه الصغير علشان باين عليه جعان اوي
فقالت مريم خليكي يا وفاء انا اللي هقوم اعمله الأكل
فقالت امينة باندفاع والله ما هتعبي نفسك هي اللي
هتعمله
واضافت السيدة كوثر ايوا يا مريم متعبيش نفسك يا حبيبتي
فابتسمت مريم قائلة معلش يا جماعة بصراحة انا عايزه اتفرج على البيت اصلي لسه معرفش حاجة فيه
السيدة كوثر قولي كدا من الاول يلا يا وفاء يا بنتي قومي فرجي مريم على البيت وانا ومامتك هنخلي بالنا من ادهم الصغير
فنهضت وفاء قائلة حاضر يا طنت يلا يا مريم هانم علشان افسحك في البيت دا هيعجبك اوي وخصوصا الخيل
فابتسمت مريم كما لو انها مراهقة وسألتها
باندفاع هو في خيل هنا !
ابتسمت وفاء بدورها لمريم التي شعرت وكأنها تعرفها منذ ازل وقالت طبعا دول بتوع ادهم بيه وهما اربع حصنه تعالي علشان تشوفيهم
فتشبثت مريم بيدها وكأنهما صديقتين بنفس السن ثم ابتسمت قائلة يلا بينا
اما في منزل اهل الهام فكانت هي جالسة بملل امام التلفاز في غرفة المعيشة بينما كانت امها تقوم بخياطة بعض الملابس وكان الصمت حليفهما ما عدا صوت التلفاز ولكن الامر لم يطل حيث قالت امها مالك يا الهام يا بنتي شكلك تعبانه اوي
فنظرت الهام اليها قائلة متقلقيش يا ست الكل انا بس زهقانه شويه لاني سبت مريم
الأم آن الآوان علشان ترجع لجوزها يا حبيبتي يعني اكيد مش هتفضل قاعدة معاكي طول العمر وانتي كمان لازم تتجوزي وتبقى زيها
فابتسمت الهام ابتسامة مريرة عندما تذكرت حبها الطويل لخالد وقالت بتعب ارجوكي يا ماما بلاش تفتحيلي موضوع الزواج دلوقتي لاني مش عايزة اتجوز حد
قالت ذلك ثم هبت واقفة وتوجهت إلى غرفتها فاغلقت الباب خلفها وسرعان ما خانتها دموعها وانسابت على وجهها رغما عنها حيث تذكرت السنين الماضية التي اضاعتها عبثا
في اخفاء عشقها لخالد حبيبها الاول والاخير فقالت بنبرة منكسرة ربنا يسعدك يا خالد ربنا يسعدك يا حبيبي
اما امها فتنهدت بقوة وهي تحدق بباب الغرفة وقالت بصوت مټألم ربنا ينولك اللي في بالك يا بنتي ويجمعك باللي يقدرك ويحبك
تسارع في الاحداث
حل المساء وعاد ادهم الى المنزل بعد يوم طويل متعب حافل بالمشاكل ونوبات الڠضب الچنونية التي كان يفرغها على موظفيه المساكين فكانت ملامح وجهه متشنجة جدا وباردة يغلبها الجمود والانزعاج الشديد دخل الى المنزل بعد ان فتحت له وفاء الباب قائلة بابتسامة نورت يا بيه
في تلك اللحظة انجلا الانزعاج عن وجهه عندما رأى ابتسامة تلك الصغيرة الشقية التي قام بتربيتها بنفسه منذ ان وعت على الدنيا ويعتبرها اخته الصغرى لا بل ابنته فهو من يتكفل بمصاريف دراستها وكل شيء متعلق بها قرص وجنتها بصمت ثم دلف الى الداخل فشعرت هي بأنه مهموم ولكنها لم تعلق بل اغلقت الباب وعادت إلى المطبخ حيث كانت امها تعد العشاء للعائلة
اما هو فأخذ يبحث بنظره في ارجاء المنزل عن مريمته التي اصبحت كالممنوعات بالنسبة له ولا يهدأ ان لم يراها ولكنه وجد امه جالسة برفقة معاذ وسلوى في غرفة المعيشة بينما كانت مريم في غرفة ابنها تعطيه الدواء حتى ينام بعد أن تناول عشائه اقترب منهم
متابعة القراءة