حكاية بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف

موقع أيام نيوز


ببراعة تحت تدريب جميل شخصيا وعلاقتها برحيم أصبحت أكثر عشقا وغراما وأصبح يغار عليها غيرة عمياء فقد تغير مظهرها الخارجي كليا بمجرد رتوش بسيطة في ملبسها المحتشم لكن أصبح عصريا يليق بصاحبة العيون الفيروزية 
وأما عن إيهاب انخرط أيضا في دوامة الحزن وكان يري أبنائه قليلا جدا نظرا لأنه انشغل في تجهيز مكتبه الهندسى الذي أنهاه في أربعة أشهر وكلف عليه حملة إعلانية تليق به 

أما عن ريم عادت الي تصميماتها من جديد ولكن استطاعت ان تخلق من وسط الحزن إبداعا أبهر الجميع في عالم الفاشون مما أثار خوف مالك أن يحتكرها أحد المنافسين وخاصة أنها
بدأت بعرض جميع تصميماتها علي مواقع السوشيال ميديا
وحصدت تفاعلا رائعا وكان مالك متابعا لها بشغف 
وأصبحت ترسل له التصميمات شخصيا دون مدير أعماله ومن وقت للأخر يسألها عن رأيها في العمل المباشر معه تجاوبه بأنها غير مستعدة الأن مما استدعى قلقه 
يقف مالك في شرفة مكتبه يتابع المارة بشرود وبيده كوب القهوة الخاص به 
دخل علي صديقه ولاحظ شروده فوقف بجانبه متحدثا باستفسار
ده الموضوع باينه كبير أووي فيه ايه ياعم مالك 
وتابع بمشاغبة
شكلك حنيت للعرق الايطالي اللي إنت مدوبه ومدوخه معاك وشحتفت قلبه علي الاخر 
نظر إليه بنصف أعين وأجابه بحدة خفيفة
جري ايه ياعم الخفيف إحنا هنهزر ولا ايه !
ماتمسك لسانك ده شويه.
ضحك علي حدته وتحدث بمرواغة
الله وأنا مالي ياعم الحيران ماتسأل عينيك إللي سرحانه ودماغك إللي مش فيك .
ذهب إلي مكتبه واستلقي علي كرسيه بإهمال وردد 
شوف بردو ! بقولك ايه هو احنا مش مخلصين موضوع جوليا ده من زمان وقلت لك كانت صفحه وطويتها زي إللي قبلها مع الفارق إن بيجمعنا علاقة شغل وكل احترام 
واسترسل بتنبيه
ياريت منتكلمش في الموضوع ده تاني.
تململ في جلسته وهتف بلا مبالاه
ولا تاني ولا أولاني ياباشا 
إلا صحيح عملت إيه مع مدام ريم لسة مصممة على رأيها ولا ايه 
زفر بسأم وأجاب
والله أنا اللي قالقني ومخوفني موضوع ريم ده بالذات 
واستطرد پخوف
مش عارف مماطلتها
دي سببها ايه 
تفتكر حد انها شايفه نفسها في مكان أحسن من هنا زي ماكنت بتقول 
أجابه بحيرة
والله ما عارف
بس لو ده حصل كفى الله الشړ يعني أكيد هنعرف .
قطب جبينه ونطق بحزن
ده لو حصل فعلا هنخسر كتير جدااااا أكتر الاتيليهات بتاعتنا واللي احنا بنتعامل معاهم برة وجوة بيختاروا تصميماتها بالذات ومش عايزين غيرها .
وأثناء انشغالهما في الحديث دقت السكرتارية علي الباب ودلفت وهي تهتف بعملية 
مدام ريم المالكي برة هي وواحد بيقول إنه أخوها وعايزة تقابل حضرتك .
نظر إلي علي وتسائل باستغراب
ريم المالكي! مين انت تعرفها 
أجابه وهو يرفع يديه في الهواء
لا والله هعرفها منين 
وتابع وهو ينظر إليها مشيرا بأمر
خليهم يتفضلوا يمكن عروسة وجاية تختار كوليكشن .
هزت راسها بطاعة وفتحت الباب مرددة وهي تنظر إليهم بابتسامة ترحيب 
أهلا وسهلا اتفضلي يافندم مالك بيه في انتظاركم .
دلفت بخطي ثابته مستقيمة متواضعه تليق علي المكان المتواضع الذى حضرت فيه ويتبعها أخيها مرددا بابتسامة هادئة
السلام عليكم ورحمه الله.
انتصب مالك واقفا هو وعلي احتراما للضيوف مرددين 
وعليكم السلام ورحمه
الله وبركاته 
وتابع مالك وهو يشير إلي المقاعد القطنيه المريحة مرددا
أهلا وسهلا ياجماعة نورتوا المالك جروب اتفضلو.
ذهبوا إلي المقاعد بهدوء وجلس الجميع 
وتحدث علي بذوق
تحبو تشربوا إيه ياجماعه 
هتف رحيم برفض لطيف
متشكر جدا يافندم لذوق حضراتكم وحسن مقابلتكم .
تحدث مالك بإصرار
ميصحش طبعا لازم تشربوا حاجة أطلب قهوة 
وافق رحيم قائلا
تمام إللي تشوفه يامستر مالك 
واسترسل بدعابة
والله أنا دماغي محتاجها فعلا بسبب دوشة الطلبة في الجامعة
واتصالات ريما اللي داوشاني بيها من الصبح .
نظر مالك وعلي
إلي
بعضهما باندهاش مرددين بصوت واحد 
ريما !
تحدثت بابتسامة هادئة
أيوة يامستر مالك ريما ستور .
البارت الثامن عشر
أخبروها بأن عيناي تنتظر رؤيا طيفها هائمة
أخبروها بأن أنفاسي متلهفة للمساتها الناعمة 
أخبروها بأنها عشقي الأبدي وحياتي بدونها قاتمة
أخبروها بأنها روحي ودقات قلبي بنارها مغرمة 
خواطر رحيم المالكي
بقلمي فاطيما يوسف
في منزل راندا الجمال تجلس على هاتفها تتصفحه بالساعات كعادتها وكأنه أصبح وسيلة ملاذها التي تضيع فيها برضا تام إذ بها تأتيها رسالة علي الواتساب وكان عبارة عن مقطع فيديو فتحت الفيديو وجحظت عيناها من ما رأته لقد كان الفيديو لسما ابنتها ومن العجب أيضا أنها تجمع مايقرب من نصف مليون مشاهدة على ذاك الفيديو والذي كان من شهر تقريبا رفعت عينيها لأعلي الفيديو كي تري ماذ تسمي نفسها 
زادت الخيبات والحسرات عندما وجدتها مدونة اسمها ب سمكة الشقية 
خرجت من الواتساب وفتحت الفيسبوك وبحثت عنها ولم تجدها ظلت تبحث عنها ولم تصل إليها وازدادت حيرتها وفي النهاية استنتجت أنها تضعها في قائمة الحظر كي لاتراها 
وفي نفس التوقيت أتتها رسالة من نفس الرقم المجهول محتواها 
كلنا بقينا في الهوا سوا ياطنط وبنتك بقت متفرقش إللي مش متربية زي ماكنتي بتلقبينا وتقعدي في club وتقولي محاضرات فينا وأنا كنت ببقي سامعاكي 
مبقاش حد أحسن من حد ولو عملتي أكونت تاني ادخلي وشوفي إبداعات سمكة وهتنبهري أووي
أصلك مش هتشوفيها من الحظر إللي هي عامله لك .
ألقت الهاتف جانبها بإهمال واستندت علي جزعيها وهي تضع وجهها بين يديها تحدث حالها 
ياإلهي أتلك ابنتي التي ربيتها سنوات وأفنيت عمري لها!
أتلك ابنتي البريئة النقية الطفلة !
كيف لها أن تفعل هذا الهراء شهورا وأنا لاعلم ولا دراية بتلك المهزلة 
أمن الممكن أن تكون وصلت إلي مستوي من الانحراف الذي نسمع عنه أعلي من ذاك !
الأن قد علمت ماذا تفعل في غرفتها بالساعات وهي تغلق الباب علي حالها وتستمع إلي الأغاني عبر مسجل الصوت 
انتفضت من مكانها وهبت واقفة وصعدت الأدراج وهي تغلي كالبركان وقفت أمام غرفة ابنتها وقبضت على الباب كي تفتحه وتدلف دون استئذان كما عودتها وجدت
الباب مغلق 
اشتعلت النيران داخلها وبقبضة قوية دقت على الباب پعنف مما ازعج ابنتها فقامت على الفور وفتحت الباب كي تري لماذا تدق والدتها الباب بهذا العڼف 
رددت وهي تفرك عيناها أثر النوم بانزعاج
في إيه ياماما علي الصبح في حد بيخبط علي حد بالطريقه دي 
لم تتفوه ببنت شفة وهبطت بيديها على وجهها بصفعه من شدتها وقعت ارضا 
ثم هدرت بها پحده
السفلة السهلة الرخيصة اللي اتقلبت من بنت بريئة ربيتها على ايدي وعلمتها ازاي تحافظ على نفسها من وهي صغيرة لواحده ما بقتش عارفاها 
واستطردت وهي تهزها من كتفيها پعنف
من امته اتحولتي وبقيتي بالبشاعة دي يابنت 
وضعت سما يدها علي وجهها تدلكه من أثر الصڤعة وأجابتها وهي تجز على أسنانها 
من ساعه إنتي كمان ما اتحولتي وبقيتي مش فاضيه لنا وفرقتينا واذا كنت انا اټدمرت ووصلت للمرحلة اللي إنتي بتتكلمي عنها دي فيبقى بفضلك انتي يا ماما .
جحظت عينيها ولمعت بالدموع وهدرت بها وهي تشير بكلتا يديها بتعجب
ليه انا عملت ايه علشان تقولي الكلام ده
ابوكم هو السبب هو اللي عمل فينا كده هو اللي دمرني وهو اللي جنى عليا وهو اللي خاني وجرحني وفي الآخر بتلومي علي انا
إن انا اللي ډمرت البيت ووصلتك للمرحلة المنحطة دي !
جلست سما بإهمال على تختها وتحدثت بقسۏة
ايوه إنتي وما فيش غيرك السبب في اللي وصلنا له ده 
وتابعت بنفس القسۏة
ما هو طلقها وجالك واعتذر بدل
المره 20 وإنتي راندا هانم اللي ما ينفعش تتنازل .
أمسكتها من تلابيب ملابسها ونطقت بحسرة
بقي بتجيبي اللوم عليا أنا ! بعد ماضيعتي عمري وشبابي وجمالي
عليكم 
بعد ماكنت ليكم الأب والأم والكل وهو هناك بيتنعم في واحدة وعايش حياته عادي وأنا هنا الدادة إللي بتربي العيال .
رفعت حاجبيها وتحدثت بنفس القسۏة 
بس في الأخر عملتي زي إللي فضلت تطبخ لولادها أحسن أكل وتعبت طول النهار وجت علي أخر اليوم قبل مايكلوا حړقت الأكل وبقي ولا له طعم ولا لون ولا
ريحة وفي الأخر تعبها راح ولا هي اتهنت بيه ولا ولادها إللي كانو طول اليوم
بيضحكوا وبيلعبوا وكل شوية يشاغبوها أكلوا وناموا جعانين .
اتسع بؤبؤ عينيها وردت بدهشة
بقي أنا كدة ياسما !
ردت بهدوء 
أيون ياماما كدة وأكتر من كدة كمان أنا بقيت مش لاقياكي ولا لاقية بابا اللي عمل كل
اللي في وسعه علشان ميسبناش وخلي بالك مش أنا لوحدي اللي ضعت مهاب كمان دخل طريق الضياع اللي أي حد بيدخل فيه مبيطلعش إلا وهو علي نقالة .
تتوالى الصدمات على قلبها كالرياح التي سكنت مدة طويلة وبدون سابق انذار هبت واقتلعت في طريقها أشد الجبال الراسخة 
وهتفت بعدم تصديق
إنتي بتقولي ايه ! مهاب ماله 
اهتز فكها بسخرية وأجابتها بنفس القسۏة ولم ترعى حالها الذي تنشق له القلوب
مهاب بقى سهروبيرجع نص الليل وانتي نايمة ومصدقاه وهو بيقول لك إنه جه بدري ومبتابعيش وراه
.
إنتي كدابة مهاب لايمكن يعمل كدة أبدا!
مهاب متربي إنتي بتفتري عليه علشان تداري علي عملتك السودا.
الأن تبدل وجه البنت القاسېة التي رسمته ببراعة على وجهها وكشفت وجه الطفلة البريئة التي دنستها قسۏة الحياة بعدما كانت مدللة أبيها وأمها ورددت باڼهيار
أنا عمري ماكنت كذابة ياماما بس بقيت كذابه أنا مبقتش سما الطفلة البريئة إللي إنتي خلفتيها وربتيها 
انا بقيت مشوهه من جوه ومن بره واټدمرت وحياتي القديمة الجميلة اندفنت ومش هعرف ارجع لها تاني .
مسحت راندا دموع عينيها بحدة ونظرت اليها بأعين دامية وهي تحاوطها من
كتفيها ورددت بحيره
ليه كده يا سما ليه عملتي فينا وفي نفسك كده
واسترسلت بتساؤل مغلف بنفس الحيرة
ليه عملتي لي حظر انطقي 
أجابتها باستفاضة وهي تجلس على التخت بإهمال وتضع وجهها بين كفيها
ومش بس إنتي يا ماما اللي عملت لك حظر انا عملت لجدو ولتيتي ولخالو ولخالتو ولمهاب ولبابا وكله مفكر ان انا قفلت صفحتي علشان خاطر حالتي النفسيه بسبب اللي حصل لنا 
لكن أنا خدعت الكل .
وضعت رندا يدها على صدرها وهي تحاول ان تهدئ من ضربات قلبها السريعة التي تنتابها كلما استمعت الى كلمات ابنتها البشعة 
وأكملت استفساراتها والتي من الواضح أنها لن تنتهي 
اتعلمتي ده كله من مين وامته 
سما بلا مبالاة
ياه ياماما دي الدنيا إللي حوالينا مسرح كبير اتعلمت منه وإنتي بعيدة عننا وعايشة جوة دوامة الشوبينح وصالونات التجميل والخروج والفسح وبعدتي أووي .
أحست بأن الكون يدور حولها مما علمته عن أبنائها وصارت ټضرب وجهيها كالجهلاء من شدة الصدمة وجلست أرضا وهي تنتحب 
يامرارك ياراندا ومصيبتك إللي وقعت فوق دماغك 
وأكملت نحيبها
ليه يارب يجرالي أنا كدة دونا عن الخلق كلهم!
ليه يكون اللي باقي من عمري كله قهر وۏجع واللي فات عشته أم وأب ودفنتي نفسي سنين في الدوامة وملحقتش نصيبي من الفرح .
جلست سما بجانبها كالقرفصاء تضم ساقيها وتضع رأسها بينهم وهي تنتحب كوالدتها بشدة
كيف ټموت المرأة حية 
قال 
غابرييل غارسيا ماركيز 
رأيت امرأة مېتة يوم أمس وكانت تتنفس مثلنا
ولكن
كيف ټموت المرأة وكيف تراها تحتضر 
ټموت إذا فارقت وجهها الابتسامة
 

تم نسخ الرابط