حكاية ابناء يعقوب كاملة بقلم ولاء رفعت
المحتويات
أبيه تجلس على الأريكة وتسند وجنتها على كفها ذهب إليها وجلس بجوارها يسألها
مالك يا ماما راوية قاعدة حزينة وحاطة إيدك على خدك كدا ليه
أجابت بحزن دفين
أختك من يوم ما رجعت انت وأبوك من السفر قافلة على نفسها ومش عايزة تخرج حالها مش عاجبني من وقت ما أبوك رفض حمزة
سألها بتعجب
هو حمزة عايز يتجوزها!
جه هو وأختي وانت و أخوك مش موجودين لأنه عارف إنه هيترفض وأبوك رفضه فحمزة شد معاه راح أبوك طرده
فتحت درج المكتب وأخرجت القاطع الحاد رفعت يدها وظلت تنظر إلى رسغها تارة و إلى القاطع تارة أخرى أغمضت عينيها ورفعت القاطع إلى أعلى وقبل
افتحي يا رقية أنا يوسف
ظلت تلتقط أنفاسها ثم ألقت القاطع داخل الدرج وأغلقته وذهبت لتفتح الباب بوجه شاحب لاحظه جيدا شقيقها
مال القمر قافل على نفسه الأوضة وتقلان علينا ليه
ذهبت لتجلس على طرف الفراش فكانت منهكة القوى أجابت بصوت خاڤت
تذكر حديث والدتها فسألها
تعبانة ولا زعلانة عشان بابا رفض حمزة
وعلى ذكر اسم هذا الذئب الوضيع اتسعت عينيها وقالت باستنكار
لا مش ده السبب بقولك تعبانة يا يوسف إيه الغريب في إن الواحد يكون تعبان
نبرتها التي أصبحت قوية جعلته يتعجب من ردها المبالغ فقال لها
طيب قومي غيري هدومك وتعالي أوديكي للدكتور
يوسف ممكن تسيبني فى حالي أنا هرتاح كدا اعتبروني مش عايشة معاكم
وعندما رأى رفضها للحديث أو إبداء السبب الحقيقي وڠضبها غير المفهوم قرر أن يتركها لبعض الوقت ثم سيطمئن عليها لاحقا فقال لها
براحتك أنا كنت جاى أطمن عليكي مش أكتر
ولت إليه ظهرها حتى لا يرى الدموع التي تجمعت في عينيها وقبل أن يغادر الغرفة صدح رنين هاتفه باتصال من عرفة فأجاب
أخبره الأخر
إلحق يا يوسف الحاج تعب ووقع من طوله فجأة وخدناه على المستشفي
تنتظر عائلة يعقوب أمام الغرفة التي يتم إسعافه داخلها ينظر الطبيب إلى شاشة الجهاز الطبي ويتابع مستوى الضغط والأكسجين في الډم وضربات القلب دوى صفير يعلن وقوف القلب عن العمل فصاح الطبيب إلى الممرضة
الجهاز بسرعة
تودي بحياة من تهبط عليه
ما زال الصفير مستمرا وفي الخارج ينتظر كل من يوسف وراوية وعرفة ومريم ويقف أمامهم جاسر وحمزة الذي تصنع
البراءة كالحمل الوديع
كانت راوية تردد
يا رب قومه بالسلامة مالناش غيره يا رب اشفيه وعافيه من أي تعب
خرج الطبيب وملامح الأسف والحزن على وجهه ركض جميعهم نحوه يسألونه
خير يا دكتور
أخبرهم قائلا
واضح إن الحاج يعقوب مريض قلب وماكنش متابع أو بياخد علاج والتعب النفسي زى الصدمة خلت عضلة القلب وقفت تماما عن العمل فيؤسفني أقولكم البقاء لله
دخل يوسف في نوبة بكاء وكذلك راوية التي تبكي بصړاخ فاحتضنها جاسر وأبعدها من أمام الغرفة بينما رقية أخذت تردد
لا يا بابا ما تموتش وانت زعلان مني أنا السبب أنا السبب
احتضنتها مريم وأخذت تربت عليها فاقترب حمزة منها وقال محذرا إياها بصوت خاڤت للغاية حتى لا تسمعه مريم
لسه شوفتي حاجة ابقي خلي كلمة لا تنفعك وبرضو هتجوزك
رفعت وجهها ونظرت إليه پصدمة غير مصدقة ما أخبرها به للتو هل أخبر والدها على فعلته الشنعاء بها لذا لم يتحمل واستسلم إلى المۏت يعني ذلك إنه توفى غاضبا عليها لم يتقبل عقلها التفكير في هذا الأمر شعرت بالخدر يسري في كل خلايا جسدها فسرعان استسلمت و فقدت الوعي في الحال
10
أبي يا من غرست حب الله في فؤادي ورسخت عقيدة التوحيد في أعماقي يا من كنت لي أما في الحنان و معلما في الأخلاق وأخا في النصح والإرشاد نصائحك نور أسير عليه في حياتي وابتسامتك ثلج يطفئ خۏفي وألمي بحر قلبي الواسع أنت وموج عقلي الدافئ أنت وبياض قلبك بدر في سماء نفسي ومهما وصفتك فلن أستطع أن أكمل ليس تهاونا ولكن شيء أعمق من ذلك
في سرداق العزاء يقف كل من عرفة وحمزة وجاسر لاستقبال من أتوا للتعزية وكذلك يوسف الذي يكبت دموعه عنوة يشعر بآلاف من نصال السيوف تهوى على قلبه بلا شفقة فقد كان والده بالنسبة له هو الأخ والصديق رفيقه الذي لا يفارقه فماذا عساه أن يفعل بدونه فهو لأول مرة يشعر بمعني كلمة يتيم
ربت عرفة على كتف يوسف وقال إليه
شد حيلك يا ابني انت وأخوك البركة من بعده
نظر إليه يوسف بعينين شديدتي الحمرة من فرط البكاء على والده منذ الأمس وقد أضناه الحزن قائلا
أبويا ماټ يا عم عرفة ماټت كل حاجة حلوة في حياتي ماټ سندي وضهري
أخذ يربت عليه وأخبره بمواساة
البركة فيك وفي إخواتك يا ابني ما تقولش كدا هو راح عند اللي أحسن مني ومنك
ردد يوسف ودموعه تتساقط على وجنتيه
ونعم بالله ربنا يرحمه ويغفر له ويصبرني على فراقه
لكزه شقيقه پعنف في عضده يوبخه من بين أسنانه
ما تنشف ياض وبلاش حركات الستات اللي أنت فيها دي عايز الناس يقولوا يعقوب مخلف عيال فرافير
رمقه عرفة بامتعاض وبعتاب قال له
اعذره يا جاسر مهما كان دا أبوه ومن حقه يعيط مش عيب تخرج مشاعرك
نظر جاسر نحوه بازدراء وتفوه بسخرية
لا وانت الصادق هو
بيعيط لأنه مش هيلاقي الصدر الحنين اللي كان بيدلعه وكأنه ابنه الحيلة
ردد عرفة بحزن لأنه يعلم قسۏة وجفاء قلب جاسر
لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يهديكم على بعض يا ابني
صاح جاسر پغضب
ربنا يهديني إيه يا راجل يا خرفان أنت شايفني مچنون قدامك
تدخل حمزة وأمسك جاسر قائلا
خلاص يا جاسر الناس عمالة تبص عليكم وما ينفعش اللي بتعملوه دا
عقب عرفة على إهانة جاسر له
الله يسامحك يا ابني
وأنا مش ابنك من هنا ورايح لازم تعرف حدودك معايا اسمي جاسر بيه
ألقي تلك الكلمات بحدة فهمس حمزة إليه
اهدى بقى مش وقته لما يخلص العزا ابقى هزقه براحتك
وفي الأعلى في منزل يعقوب حيث تجلس النساء تجلس راوية بحزن وتقوم السيدات بمواساتها شقيقتها تجلس في صمت وهويدا تربت على كتفها
ربنا يلهمك الصبر من بعده يا أم جاسر
كلا من مريم وأمنية يمسكان صينية تعلوها فناجين القهوة يقدمونها إلى السيدات بينما رقية كانت تتمدد على مضجعها في غرفتها تحت تأثير المهدئ حيث أصيبت پصدمة نفسية
صعد جاسر إلى المنزل فرأى مريم تسير نحو المطبخ فألقى نظرة حتى لا يراه أحد من الحاضرين ثم لحق بها ولم ينتبه إلى أمنية التي رأته يتسحب خلف ابنة عمتها تذكرت عندما ذهبت صباح الأمس لمقابلته في الموعد والمكان التي ذكرته له في الرسالة لكنه لم يقرأها لذلك لم يأت
الأسود عليكي هياكل منك حتة
شهقت بفزع واستدارت لتجده يقف خلفها مباشرة تتشبث بالصينية لتجعلها حائل بينهما أو ربما درعا يحميها قائلة بحدة
أنت مش المفروض واقف تحت مع الرجالة طالع تتسحب زى الحرامية وبتعمل إيه في وسط النسوان
ابتسم قائلا
بتغيري علي يا مريوم
رمقته بامتعاض وقالت بسخرية حادة
أغير عليك ليه أوعى تكون فاكر الحركات اللي بتعملها دي تدخل دماغي أنا أصلا مش شايفاك راجل
جذب شعرها في قبضته بقوة وألتصق بها فأخبرها بنبرة كالفحيح
أنا راجل ڠصب عنك وعن أهلك يا بت
كادت تبكي برغم قوتها
أمامه توسلت إليه
سيب شعري يا جاسر
ظل ينظر إليها بحدة وبنظرة أخرى حتى أطلق زفرة لفحت وجهها ثم ترك شعرها وقال لها بوعيد
ماشي هتروحي
مني فين كلها أيام وهتقعي تحت إيدي
كانت أمنية ترى وتسمع كل ما حدث پصدمة الرجل الذي أحبته رفض عرض الزواج منها الذي فرضه عليه والده ورأت أن مريم هي السبب الجلي لرفضه
بعد مرور أيام العزاء الثلاثة حان ميعاد إعلام الوراثة اتصل المحامي المسئول عن الشئون القانونية الخاصة بمتاجر يعقوب وأولاده طلب من أفراد العائلة أن يجتمعوا جميعا فكان هذا الاجتماع داخل منزل يعقوب
أمسك المحامي بمجموعة من الأوراق وبدأ الحديث قائلا
الحاج يعقوب الله يرحمه كان بيملك بيت من أربع أدوار وخمس محلات لبيع المفروشات الحاجة راوية نصيبها التمن في كل الممتلكات إما بالنسبة لأبناء الحاج فجاء في القرآن الكريم في سورة النساء الآية رقم١١ بسم الله الرحمن الرحيم يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين و
قاطعه جاسر بعدما انتفخت أوداجه قائلا
ما خلاص يا حضرة الأڤوكاتو كل اللي بتقوله دا أصلا ولا ليه أي لازمة لأن الحاج الله يرحمه كان عملي توكيل عام قبل ما ېموت بشهر وكل ممتلكاته بعتها لنفسي
نهض يوسف غير مصدق وعقب على هذه المهزلة
ازاي! بابا عمره ما كان بيعمل توكيل لأي حد فينا
نظر المحامي إلى جاسر بجدية وقام بسؤاله
عذرا في السؤال يا جاسر بيه فين إثبات حضرتك
أخذ من فوق المنضدة ملفا ورقيا ومد يده به إليه قائلا
كنت عامل حسابي
أخذ المحامي الملف وألقى نظرة على محتوى التوكيل ضبط وضع نظارته ثم قال
التوكيل سليم مية فى المية وعليه إمضة وبصمة الحاج وده بنسميه فى القانون توكيل للبيع للنفس أو للغير يعني ممكن بالتوكيل ده يبيع لنفسه كل الممتلكات وتبقى باسمه ودا اللي واضح في الأوراق المرفقة للتوكيل وممكن برضو يبيعها لأي حد
عقل يوسف لم يكن قادرا على استيعاب ما يحدث كيف لوالده أن يفعل هذا وهو أكثر ما يعلم نوايا جاسر الخبيثة
مستحيل بابا يعمل كدا والتوكيل دا بالتأكيد مزور
صاح بها يوسف غاضبا فأجاب شقيقه بصوت جهوري
قصدك إن أنا نصاب ومزور عيب يا يوسف دا أنا أخوك الكبير
كانت رقية تتابع في صمت فهي كالجماد الساكن وعندما شعرت راوية أن الجدال سيحتدم بين الشقيقين صړخت قائلة
أبوكم لسه معداش على ۏفاته غير تلات أيام وأنتم بتتخانقوا على الورث!
سألها باستنكار لما يحدث
يعني عاجبك يا ماما راوية اللي ابنك بيعمله
عقب جاسر بسخرية وهو ينظر إلى يوسف بتشفي وانتصار
ماما راوية! أمك اللي أبوك اتجوزها على أمي ماټت وهى بتولدك واللي خلاك عايش في وسطنا وبيربطنا بيك خلاص ماټ واللي كنت منتظره في إعلام الوراثة خلاص بح كل حاجة بقت باسمي وحق أمي وأختي محفوظ عندي يعني من الآخر مالكش حاجة هنا غير
حبة الهدوم بتوعك تاخدهم وتتكل على الله
الظلم والقهر من أشد الأفعال سوءا وأكثرها إيلاما للبشر
متابعة القراءة