حكاية ابناء يعقوب كاملة بقلم ولاء رفعت
المحتويات
الأخر كل دا يروح على الفاضي
ابتسمت مريم فازدادت جمالا تلك التي تمتلك ملامح والدتها بالإضافة إلى قدها الممشوق فالجمال نعمة ولدى البعض يصبح نقمة إذا أتى على رأس صاحبته بالمصائب والابتلاءات
ادعي ليا انتي بس من قلبك
رفعت أمنية يدها في وضع الدعاء قائلة
يا رب يا مريم يا بنت عمتو ليلى تجيبي امتياز وتدخلي الكلية وأنا يا رب خلاص رضيت بالدبلوم بس مش عايزة غير حاجة واحدة بس إنه يكون جاسر الراوي يبقى من نصيبي قولي آمين يا بت يا مريم
آمين يا بنت خالي
صدح رنين هاتفها الخلوي فانتفضت أجابت على الاتصال بقلب يخفق بقوة ويد ترتجف من التوتر والقلق
ألو
أيوه أنا مريم هشام الوكيل
اتسع ثغرها من الجانبين بابتسامة كادت تصل إلى أذنيها نهضت أمنية من مكانها والتصقت بها ثم وضعت أذنها على الهاتف بينما مريم كانت تكمل حديثها قائلة
لمست علامة إنهاء المكالمة وأظهرت الحزن على ملامحها رأتها أمنية في تلك الحالة فسألتها بقلق
هو قالك إيه
وإذا بها تصرخ بفرح عارم
أنا نجحت يا أونا وبتقدير جيد جدا كمان
احتضنتها أمنية بقوة
ألف مبروك يا حبيبتي وعقبال العريس بقى وعقبالي يا رب أكون حرم جاسر الراوي
يا بنتي أتقلي دا زمانه كل ما بيشوفك يعرف إنك ھتموتي عليه
أمسكت بكلتا يديها لتخبرها عن مشاعرها تجاه هذا الجاسر
بحبه يا مريم بمۏت فيه بحبه يا ناس
انفتح الباب بغتة ودخلت هويدا تحدق ابنتها پغضب تسألها
هو مين دا
اللى بتحبيه يا مقصوفة الرقبة
اختبأت خلف ابنة عمتها وأجابت بإنكار
يا ماما أنا كنت بقول أشكرك يا رب أصل مريم نجحت وجابت جيد جدا وهتدخل الجامعة
نظرت هويدا نحو مريم وكأن أمر نجاحها غير هام وبدلا من أن تهنئها أو تبادر بالمباركة إليها قالت
دبلوم ولا معهد ولا حتى الجامعة كله محصل بعضه ومصاريف على الفاضي في الأخر هتتجوزي
شعرت أمنية بالحرج من
حديث والدتها التي لم تكف عن إزعاج ابنة عمتها كلما تنجح أو تفعل شيئا جيدا تأتي هي وتلقي عليها كلمات تجعل من جبل صامد فتات صخور محطمة لذا عقبت
اكتفت والدتها برفع جانب فمها بتهكم ثم أمرت كليهما
يلا يا هانم منك ليها ورانا غسيل وطبيخ وأبوكي بعد ساعة هيجي يتغدى
أتي المساء بظلامه الذي يغلب على قلوب البعض ونجوم سمائه تنير الدروب للبعض وهناك من يقضي لياليه في ملذاته التي لا تأتي سوى بالخطايا
مش هتقولي ليا انتي مين برضو دا أنا قايلك كل حاجة عني حتى ببعت لك رسايل بصوتي مش واثقة فيا و لا إيه
أرسلت إليه صاحبة الحساب باسم حبيبي حياتي رسالة نصية عبر تطبيق الدردشة الشهير
طبعا واثقة فيك بس بصراحة مش هقدر أكلمك ولا تشوفني خليها تيجي بظروفها يا عالم يمكن تلاقيني قدامك في الحقيقة
عقب بداخل عقله ونظراته التي تنضح بالشهوة
تعالي انتي بس وأنا هخليكي واثقة فيا على الأخر
اندفع الباب على مصراعيه فوجد والدته تضع يديها على جانبي خصرها توبخه
هى دي هاتفضل حياتك على طول تشتغل يومين مع أبوك وعشرة تقعد في البيت اللي قدك معاه عيال بقوا فى المدرسة وانت كل ما نجيب لك سيرة الجواز أو أكلمك على عروسة تقعد تطلع حجج ومبررات ملهاش لازمة كل ده عشان تعيش حياتك على كيفك
ألقى هاتفه وأطلق زفرة بضجر فأردفت والدته
انفخ يا أخويا انفخ أهو أخوك اللي أصغر منك بتسع سنين نجح في الكلية وهيتعين كمان في الجامعة وانت خليك كدا قاعد زى الولايا في البيت
صاح پغضب ملوحا بيده
هو احنا مش هنخلص من حكاية أخوك عمل وهبب دي أروح أخلص لك عليه عشان ترتاحي
توقفت لوهلة حتى تستوعب الكلمة التي تفوه بها ابنها فهي تعلم مدى كراهيته لشقيقه وذلك منذ أن جلبه والده إلى المنزل وهذا يعود إلى التفريق في المعاملة بينهما فكان يعقوب كثيرا يطلق غضبه ويعاقبه كلما أخطأ و في نفس الوقت يحنو على صغيره ويفضله في المعاملة بل ووالدته كانت كذلك تهتم كثيرا بيوسف الذي يطيعها دائما بكل حب في المقابل كان ابن رحمها يفعل العكس ويجلب لها المشكلات ويجلب لها توبيخ زوجها إليها بأنها لم تستطع تربيته مما جعل الكيل يفيض بها ولم تعد تكترث إليه
أنا مش بكرهك في أخوك بس بقولك كون زيه في الصح أنت بقى اللي بتاخد نصايحي ليك على هواك
نهض من على الفراش واقترب منها ليخبرها بنظرة أتت من قعر الچحيم
بس أنا بكرهه وهفضل أكرهه لحد أخر يوم في عمري تقدري تقولي عدوي اللدود وأنا اللي بيبقى عدوي بمحيه من على وش الدنيا احمدي ربنا إن أنا سايبه لحد دلوقت عايش ويلا عن إذنك أنا عايز أنام
قالها ودفعها بقليل من العڼف إلى الخارج وأغلق الباب في وجهها تركها في حالة صدمة تقسم بخالقها أن من كان يحدثها للتو كان شيطانا وليس ابنها!
ظلت جالسة في الغرفة من بعد الانتهاء من وجبة الغداء وذلك بعد أن أخبرت خالها برغبتها لإكمال تعليمها و الذهاب إلى الجامعة اكتفى بكلمة المباركة لها على مضض وبعدم اكتراث إلى الأمر مما جعلها تشعر بالحزن بدلا من الفرح
شعرت بالملل والضجر من التمدد على الفراش والتقلب يمينا ويسارا دون أن تغفو شعرت بالظمأ فنهضت لتذهب إلى المطبخ حيث يوجد البراد دخلت وفتحت الخزانة الخاصة بالأكواب وجدت يد أخرى تسبقها لتمسك بالكوب ويد أخرى تحيط خصرها المنحوت بحميمية على الفور استدارت ثم شهقت قائلة
محمود!
حدق إليها بنظرة ساخرة يشوبها نظرات أخرى تعلم إلى ماذا ستنتهي مجيبا
فيه إيه مالك أتخضيتي كدة ليه دا أنا كنت بقولك مبروك
ابتعدت إلى الوراء قليلا ونظرت إليه پغضب تنهره
مش هتبطل حركاتك الژبالة دي يا أخي!
أجاب وهو يجول ببصره على جسدها بنظرة ذئب جائع يريد التهام فريسته بضراوة
تنكري إن الحركات دي كانت بتعجبك زمان ما هي لو مش على هواكي كان زمانك قولتي لأبويا
نظرت إليه بازدراء ولن تنسى هذا اليوم التي ذهبت لتخبر زوجة خالها عما يفعله بها ابنها فوجدتها توبخها و تقوم بټهديدها إذا تفوهت بهذا الهراء إلى خالها وذلك بإخبار خالها أنها هي من تراود ولدها عن نفسه وأنها تدخل إلي داخل غرفته من دون علمهم حولتها هذه المرأة التي يرفع إليها إبليس القبعة من
دور الضحېة إلى الجاني وكم من مرة ترى خالها يذعن
إلى أوامر زوجته أو ربما يخشى من إغضابها فمن المؤكد إذا أخبرته عن أفعال ولده الدنيئة سوف يخذلها لذا قررت الدفاع عن نفسها وأن تأخذ بثأرها من كل من يقترب منها
أجابت على اتهامه الوضيع لها
ومين قالك إن أنا كنت ساكتة عشان اللي بتعمله كان على هوايا بص فى إيدك وأنت هتعرف
نظر إلى يده ليتمعن في ندبة جراء ما فعلته به عندما اقترب منها فاستلت سکينا صغيرا و أصابت يده بچرح قطعي
رفع وجهه وحدق إليها پغضب وقال
طيب المرة اللي فاتت ماكنش فيه حد في البيت وقدرتي تجري منى لكن دلوقتي أي حركة هتصحي أبويا وأمي و منظرك هيبقى وحش لما كمان أقولهم إنك انتي اللي جيتي صحتينى
اقترب أكثر منها حتى أصبح أمامها مباشرة بينما هي تمكنت بفطنة أن تفتح درج الملاعق والسكاكين سحبت السکين دون أن تصدر صوت وعيناها لا تحيد عن هذا الذئب وفي لحظة كاد ينقض عليها فأشهرت السکين أمام وجهه تهدده من بين أسنانها وبصوت خاڤت
أقسم بالله لو قربت مني لأقتلك المرة دي
تراجع بضع خطوات إلى الخلف رافعا يديه في وضع الدفاع وظهر الخۏف على ملامحه
نزلي السکينة دي يا مچنونة
ابعد من قدامي وأنا هنزلها
قرأت الغدر في عينيه وقدمه تتأهب للقفز نحوها قائلا
انتي أصلا جبانة ولا هتقدري تعملي حاجة
وثب نحوها ليختطف من قبضتها السکين لكنها باغتته بغرزها في كفه فتأوه وكتم تأوهه في الحال شهقت بفزع فألقت السکين من يدها وركضت نحو غرفتها وفي طريقها وصل إلى سمعها صوت زوجة خالها تتشدق بحنق
جامعة إيه اللي البرنسيسة بنت أختك عايزة تروحها احنا ناقصين ۏجع قلب ومصاريف مش تحمد ربنا إنك ربتها وكبرتها وعلمتها لحد ما خلصت المعهد
نهاها زوجها عن ما تتفوه به
أخرسي يا وليه ووطي حسك للبنت تسمعك ولا عايزة تعملي معاها زي ما عملتي مع أمها زمان لحد ما طفشت من كلامك يا مفترية
شهقت باعتراض قائلة
نعم! هو أنا ضړبت أختك على إيدها ولا طردتها هي اللي ما صدقت تمشي ورجعت على ليبيا تاني لما عرفت إن جوزها طلق الست الخواجاية داست على كرامتها ورجعت له لا وكمان راحت تخلف منه ورجع لعادته تاني يضرب فيها لحد ما جاب لها اكتئاب واڼتحرت
لم تتحمل سماع أكثر من ذلك وضعت يدها على فمها لتمنع صوت شهقاتها وهي تبكي عادت إلى الغرفة وتمددت على الفراش ثم تدثرت بالغطاء بعدما شعرت بالقشعريرة وبالبرد الذي أصاب أطرافها
أتى صباح يوم جديد وهنا في منزل عائلة الراوي يتجمعون حول المائدة لتناول وجبة الإفطار يترأس يعقوب المائدة وعلى يمينه زوجته وبجوارها ابنتها الشاردة في الصحن الذي أمامها بينما على يساره يجلس يوسف و يتناول طعامه في صمت
سأل يعقوب زوجته
هو المحروس ابنك لسه نايم لحد دلوقتي
أجابت بسأم من ولدها العاق هذا
ما أنت عارف بينام متأخر ويصحى الضهر
انتهى من تناول الطعام نفض يديه ثم قال
الحمد لله
وأردف قائلا
لما تخلص فطار جهز نفسك عشان هتيجي تقف في المحل
أومأ إليه ابنه بطاعة
حاضر يا بابا
نظر يعقوب نحو كرسي ابنه الأخر ليجده شاغرا نظر فى ساعة يده وقال
ابنك بقى عنده تلاتين سنة ولا أتجوز ولا بيعمل حاجة غير إنه مقضيها مع أصحابه وابن خالته الصايع الفاشل
أهو عندك جوا أدخل صحيه وقوله الكلام دا ويا ريته زي ابن خالته على الأقل عنده محل موبايلات و شغال زى الفل
قالتها راوية بينما ابنتها انتبهت عندما جاء كلا من والدها ووالدتها بذكر من تحب نهضت و قالت
الحمد لله
كادت تذهب فأوقفها والدها
استني هنا اقعدي
جلست ونظرت إليه بتوتر فسألته بتوجس
فيه حاجة يا بابا
حدق إليها بنظرة زادت من توترها فسألها
إيه حكايتك انتي كمان كل ما يجي لك عريس ترفضيه من غير ما حتى تقعدي معاه كانت حجتك الأول الدراسة والمعهد دلوقتي بقالك سنتين مخلصة
ابتلعت ريقها ثم أجابت
مش شايفة حد فيهم مناسب ليا
نظر إليها بامتعاض وسألها بسخرية
لما مهندس ودكتور ومحاسب مفيش حد فيهم مناسب ليكي أمال إيه اللي يناسبك يا أستاذة رقية
ترددت في
متابعة القراءة