حكاية كاملة بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز

 

 


في مكتبته وعمرنا ما شوفنا منه حاجة وحشة وأنا عارفاه وببقى مطمنة عليكي عنده 
ابتسمت مهرة بمرارة وودت لو تخبرها بكل شيء حتى تجعلها ترى هذه الملائكة المزيفة على حقيقتها لكنها آثرت الصمت بالنهاية خوفا على صحة جدتها وقالت بابتسامة دافئة ونبرة رزينة 
معلش ياتيتا إنتي أكيد عايزة تشوفيني مرتاحة وأنا قولت اشوف مكان تاني اكون مرتاحة فيه وأفضل بنسبالي 

ضړبت فوزية بكفها الايمن فوق ظهر كفها الأيسر وهي تهتف بحيرة بعد تنهيدة طويلة أصدرتها 
وإنتي هتلاقي فين شغل تاني يا ناصحة 
ابتسمت بارتباك بسيط وأجابت پخوف 
لا ما أنا لقيت ! 
علقت فوزية مدهوشة 
لقيتي فين هو إنتي لحقتي !! 
تنحنحت مهرة واتسعت ابتسامتها البلهاء وهي ترد على جدتها برقة مصطنعة 
أصل أنا شوفت أعلان بالصدفة لشركة وكانوا محتاجين موظفين في قسم الحسابات تخصصي يعني فقولت اقدم قدمت وروحت الصبح عملت المقابلة وقالولي هيردوا عليا بكرا
اتسعت عيني فوزية بذهول وسرعان ما صاحت بحفيدتها في ڠضب حقيقي 
وإنتي تعملي ده كله من غير ما تقوليلي ولا تشاوريني ده إنتي ليلتك سودة يامهرة 
رأتها تنزع حذاء قدمها عنها فأدركت ما سيحدث بعد ذلك وثبت واقفة وهرولت راكضة تجاه غرفتها ولسوء حظها أن فوزية ألقت بالحذاء فأصابها في ظهرها توقفت وهي تلف ذراعها للخلف تضعه على ظهرها صاړخة پألم وتهتف من بين صړاخها 
آاااه جالي الغضروف ياولية عايزة تعجزيني وأنا لسا في عز شبابي طب افرض اتقبلت في الشغل دلوقتي اروح للواد التركي ازاي اروحله وأنا على كرسي على متحرك يعني 
فوزية مضيقة عيناها باستغراب وڠضب 
مين الواد التركي ده كمان !!! 
تداركت مهرة جملتها وقالت وهي تضحك ببلاهة 
لما اروح تركيا يعني واقابل عريسي هناك قصدي 
فوزية بعصبية 
انجري يابت على اوضتك يلا تركيا في عينك قال قدمت وروحت عملت المقابلة أصل أنا مليش كلمة يا بنت رمضان 
تجاهلت كلمات جدتها الغاضبة وسارت باتجاه غرفتها وهي ممسكة بظهرها وتتلوي پألم مغمغمة في عينان تبكي بكاء مزيف دون دموع 
ياعيني على شبابك اللي راح يامهرة الولية ماشاء الله تاخد جايزة نوبل في التنشين بالشبشب آه ضهري اتقطم !!
أمسكت بهاتفها الذي يصدع رنينه للمرة الثانية على التوالي قرأت هوية المتصل فتنهدت بقوة وأجابت عليه في نبرة جادة 
أيوة 
ضيق عيناه باستغراب من نبرة صوتها لكنه أجاب بصوت لين 
عاملة إيه ياحبيبتي 
كويسة يا رائد وإنت 
لم تتغير نبرتها بل كانت مثل السابقة
تماما وربما أشد حزم وجدية مما جعله يسألها بحيرة 
أنا كويس إنتي في حاجة مضيقاكي ولا إيه ! 
لوت زينة فمها بتهكم وهدرت بعدم مبالاة مزيفة 
لا عادي مفيش حاجة 
رائد بترقب لردها وصوت رجولي جاد 
زينة واضح من صوتك إن في
حاجة حصلت قوليلي في إيه ! 
كانت قد عزمت أنها لن تسأله لكن كلما تتذكر تلك الفتاة وتقذف لذهنها صورتها تشتعل غيظا من أسلوبها والطريقة التي تحدثت بها معها
زينة بصرامة 
أصل من يومين أنا كنت
في الكافيه قاعدة بشرب قهوة وفجأة لقيت واحدة وقفت جنبي وبتقولي إنتي زينة خطيبة رائد قولتلها إيوة ولما سألتها هي مين ضحكت بطريقة مستفزة وقالتلي معقول رائد مقالكيش أنا مين وفي الآخر تقولي اسأليه هو أفضل مين أنا وهو يقولك 
انقطع صوته في الهاتف للحظات حتى عاد واجابها بصوت غليظ 
مين دي وتعرفني منين أساسا 
زينة باقتضاب 
والله معرفش أنا بسألك إنت هي كانت لبسها مش لطيف وطريقتها كمان في الكلام وشعرها صبغاه احمر وحاجة كدا تسد النفس 
لعڼ في نفسه پغضب وهو يمسح على وجهه متأففا بصوت منخفض ثم هدر بصوت حاني ومحب 
متشغليش بالك ياحبيبتي يمكن تكون واحدة تعرفني من الشغل أنا بتعامل في الشغل مع ناس كتير إنتي عارفة أكيد واحدة مش كويسة وحبت تضايقك بالكلام لو هي تعرفني صح يعني 
زينة بنبرة لم تعود للطافتها بعد 
اممم ما أنا قولت برضوا إنت هتعرف الأشكال دي منين ! 
رائد باسما وهو يجيبها بمداعبة 
سيبك منها مش معقول خطوبتنا بكرا وهتبقى مضايقة في وشي عشان واحدة معرفهاش أساسا
طيب ما هي تعرفك يا رائد !!
رائد موضحا بلطف 
ياحبيبتي وهو لازم كل اللي يعرفني اكون عارفه ! 
أصدرت تأففا ممتزجا بتنهيدة حارة مجيبة عليه في رقة أخيرا 
طيب خلاص متستهلش افكر فيها من الأساس 
بظبط كدا ياروحي احنا دلوقتي ورانا حجات أهم نفكر فيها 
اكملت زينة بدلا منه وهي تبتسم باتساع 
زي الخطوبة مثلا 
رائد ضاحكا ببساطة 
آه مثلا !! 
سمع صوت ضحكتها الرقيقة يرتفع في الهاتف ولم يتكلم حتى لا يفسد لحظات ضحكها فقط استمع لها وهي تضحك ! 
داخل منزل عدنان تحديدا بغرفتهم 
فتحت عيناها دفعة واحدة بزعر ثم استقامت جالسة في الفراش وهي تلهث بقسمات وجه مڤزوعة التفتت بسرعة ومدت يدها لكبس الكهرباء حتى تفتح الضوء بقت تحدق أمامها في خوف أنها المرة الثالثة التي تراودها فيها الكوابيس في أحلامهما هذه الليلة رفعت نظرها بتلقائية لساعة الحائط فتجد الساعة تخطت الثانية بعد منتصف الليل تجولت بنظرها في أرجاء الغرفة بحثا عنه ولكن لا أثر له تشعر بالنعاس الشديد ولكن الخۏف هو الشعور الغالب عليها أكثر الآن تخشى أن تنام وحدها فيزورها الکابوس الرابع هذه المرة 
انزلت قدماها من الفراش ووقفت ثم سارت إلى خارج الغرفة ومن الغرفة إلى الدرج تنزله بتمهل كان الظلام الدامس يملأ الطابق السفلي من المنزل انتهت من نزول الدرج وسارت ببطء شديد حتى لا تصطدم بشيء وبتلقائية خرجت همسة خائڤة منها دون أن ترى شيء 
عدنان ! 
ثلاث ثواني بالضبط بعد همستها وانفتح ضوء التحفة المنزلية الصغيرة الاباجوره الموضوعة فوق منضدة صغيرة بالقرب من الأريكة ورأته جالسا فوق الأريكة و يلتفت برأسه لها للخلف هامسا 
أنا هنا ياجلنار 
تنهدت الصعداء براحة وهدأت نفسها المرتعدة بعد رؤيتها له تحركت نحوه بهدوء ثم جلست على آخر الأريكة بجواره في صمت فسمعته يسألها بتعجب 
إيه اللي صحاكي ! 
هزت كتفيها تجيبه في خفوت دون أن تخبره بالسبب الحقيقي 
عادي 
استنكر ردها بكلمة واحدة لكنه لم يعقب فأخذت ټخطف إليه نظرات خلسة وهي تراه يرجع برأسه للخلف على ظهر الأريكة ويغمض عيناه بسكون لم تتمكن من منع لسانها الذي تحدث وسأله 
إنت ليه قاعد هنا وفي الضلمة للوقت ده 
خرجت تنهيدة منه تبعها رده بصوت رخيم 
حبيت اقعد وحدي شوية 
رفعت كفها تغلق فمها الذي انفتح لتتثاؤب وتجيب عليه
بصوت غير واضح بعض الشيء 
معلش قطعت عليك خلوتك 
الټفت لها برأسه يتطلعها مبتسما مدققا النظر في وجهها وعيناها الناعسة ثم يهمس 
إنتي متأكدة إن مفيش حاجة !! 
هزت رأسها بالإيجاب وهي تفرك عيناها كالأطفال وحين تطلعت إليه بوضوح أكثر رأته يبتسم باتساع ونظرات غريبة اضطربت قليلا وهتفت بحيرة 
في إيه !! 
انحنى برأسه للأمام قليلا إليها وغمغم بلؤم 
حلمتي بكوابيس وخاېفة تنامي وحدك في الأوضة مش كدا 
رمقته بدهشة للحظات ذلك الخبيث لم ينسى حين كانت دوما تستيقظ من النوم لذلك السبب وتطلب منه أن يبقى بجوارها حتى تخلد للنوم مرة أخرى 
توترت وحركت رأسها نافية بسرعة تهتف
في حزم مزيف 
لا وبعدين أكيد مش هخاف من كابوس يعني ! 
رفع حاجبه بسخرية وهو يضحك بصمت ثم
هدر 
طيب تعالي يلا نطلع فوق لأن حتى أنا عايز أنام 
جلنار بعناد وغيظ 
لا أنا مش عايزة أنام اطلع إنت براحتك 
زفر بعدم حيلة مبتسما وبقى جالسا مكانه ثم
أمسك بهاتفه وبدأ يتصفح به وهي تجاهد بكل قوتها حتى لا تنغلق عيناها وتنام تخترق عيناها الهاتف معه تشاهد ما يشاهده في محاولات بائسة منها حتى تطرد النوم من عيناها لكن دون جدوي 
شكلي أنا اللي هقولك متقربيش مني بعد كدا
استمر في صعود الدرج حتى انتهي وسار في الردهة المؤدية لغرفتهم وفتح الباب بقدمه ليدخل ويتجه بها نحو الفراش ثم ينحني للأمام قليلا ويضعها برفق فوقه ويسحب الغطاء على جسدها فتحت هي جزء من عيناها تتطلع إليه بنعاس وعدم ادراك للوضع لكن حين أظلمت الغرفة انتبهت حواسها وهتفت بنعاس وضيق 
افتح النور 
أنا قاعد معاكي ياجلنار مټخافيش 
سمعت صوته فقط ولم تدرك ما يقوله حتى أنها لم تعلق مرة أخرى على الضوء واستسلمت لسلطان نومها 
فتح عيناه بصباح اليوم التالي عندما تسلل الضوء لعينه مسببا له الإزعاج الټفت برأسه للجانب فلم يجدها بجواره استقام جالسا ونزل من الفراش وكان سيهم بالذهاب للحمام لولا أن صوت رنين هاتفه أوقفه عاد خطوتين للخلف والتقطه يجيب على المتصل بحزم 
الو 
أيوة ياعدنان بيه نادر ملوش أي أثر 
أجاب عليه بغلظة صوته الرجولي 
طيب خلاص اقفل دلوقتي 
انهي معه الاتصال وغمغم لنفسه بعينان تلمع بوميض شيطاني مخيف 
هتفضل مستخبي مني زي لغاية امتى يعني مسيري هجيبك
وثبت هنا من مقعدها أمام التلفاز مسرعة فور رؤيتها لأبيها وهرولت نحوه تتعلق به في فيحملها هو فوق ذراعيه يلثم شعرها بحب متمتما 
صباح الخير ياهنايا 
هنا بإشراقة وجه ساحرة 
بابي هنروح بليل فرح خالتو زينة 
عدنان باستغراب وهو يبتسم لها 
مين قالك إن الفرح النهارده ! 
هنا بعفوية وهي تزم شفتيها بيأس 
مامي بس قالت إنت مش هتوافق ! 
رمقها بدفء وحنو فيغمز بمداعبة هامسا 
إنتي عايزة تروحي 
أماءت برأسها في إيجاب بابتسامة تملأ وجهها الصغير ثم وجدته يعود ليسألها بترقب أكثر 
ومامي 
هنا بخبث طفولي جميل محاولة إخفاض نبرة صوتها 
أيوة عايزة تروح تمان كمان 
سكت لبرهة يتصنع التفكير وهو يبتسم لها بمكر ومشاكسة ثم يتنهد بالأخير مغلوبا على أمره 
خلاص هنروح 
صاحت بفرحة غامرة وتعلقت برقبته في قوة هاتفة 
بحبك أوي يابابي 
وأنا كمان بحبك أكتر ياروح بابي 
 وغمز لها قبل أن يستدير ويتجه نحو غرفة الصالون فتح الباب وألقى نظرة بعيناه أولا وعندما تأكد من وجودها دخل واقترب منها بخطوات متريثة وقف خلف مقعدها تماما واستند بكفيه فوق الحافة العلوية من المقعد ينحنى عليها قليلا من
الخلف هامسا بالقرب من أذنها 
جهزي نفسك بليل عشان نروح خطوبة زينة 
فزعت قليلا من صوته المفاجيء خلفها والتفتت برأسها له تتطلعه مدهوشة ثم هدرت أخيرا بعد لحظات من الصمت 
هو إنت
رايح !!
حرك حاجبيه بمعنى لا واجاب عليها في لطف 
كنت ناوي إني مروحش مليش مزاج احضر افراح يعني بس بما إنك إنتي والأميرة الصغيرة حابين تروحوا خلاص هروح عشانكم 
رفعت حاجبها بابتسامة ماكرة تفهم جيدا محاولاته في نيل رضاها وتلافي أخطائه بكل الطرق المتاحة أو تعويضها بمعنى أدق ولكن يؤسفها أن تعترف بأن جميع محاولاته البائسة لن تطفيء نيرانها بسهولة 
ردت عليه بجمود تام 
شكرا 
لم يعقب على جمودها معه فهذا هو المتوقع ولو فعلت العكس سيكون الأمر ليس طبيعي بالنسبة له ابتسم بحنو وهم بأن
العفو يارمانتي 
لكنها رجعت برأسها للخلف فورا قبل أن ټلمسها شفتيه وقالت بنظرات مشټعلة 
عدنان ! 
تلاشت ابتسامته وهز رأسه لها بتفهم حتى لا يغضبها أكثر ثم غمغم بهدوء 
لو عوزتي حاجة لغاية
 

 

 

تم نسخ الرابط