حكاية كاملة بقلم ندى محمود
المحتويات
التام للحظات يفكر باهتمام في السبب الذي جعلها تغادر فجأة هكذا ليطرح سؤاله عليها في جدية
مشت ليه !
رفعت
كتفيها لأعلى تدل على عدم تأكدها من الإجابة التي ستعطيها لها وغمغمت
تقريبا جدتها تعبت وفي المستشفى عشان كدا اضطرت تمشي
اتسعت عيني آدم بدهشة واكتفى بهز رأسه بالإيجاب مشيرا لها بعيناه أن تغادر وفور انصرافها رفع يديه يمسح على وجهها متنهدا بقوة وعقله مشغول بها ماذا حدث لجدتها ! وكيف وضعها هي الآن ياترى ! لا يتمكن من كبح عقله ومنعه من التفكير وطرح الأسئلة التي لا إجابة لها سوى عندها هي
وبعد عدة رنات صاحبها اليأس منه بعدم الرد أجابت لكن كان صوتها مبحوحا وأثر البكاء يظهر في نبرتها بوضوح
الو مين
أنا آدم يامهرة جدتك عاملة إيه
أتاه صوتها المصحوب پبكاء قوي ونبرة مرتجفة من فرط الاڼهيار
مش عارفة الدكتور لسا مخرجش من
عندها أنا خاېفة أوي عليها مش هسامح نفسي لو جرتلها حاجة بسببي
لم يفهم مقصد كلماتها الأخيرة لكنه وجد لسانه يتحدث بشكل لا إرادي بدلا عنه
مستشفى إيه
إجابته وهي تشهق بقوة
في مستشفى
استقام
واقفا يسحب مفاتيح سيارته ويلتقط سترته بيد واحدة ثم يهتف بطريقه لمغادرة الغرفة
أنا نص ساعة بالكتير واكون عندك يامهرة
لم ينتظر ليستمع ردها بل انزل الهاتف واندفع لخارج غرفته ومنها للدرج ينزل درجاته مسرعا حتى غادر مقر الشركة بأكملها واستقل بسيارته ثم انطلق بها يشق الطرقات متجها لتلك المستشفى التي أخبرته بها
هشام عامل إيه ياحبيبي طمني عليك
هشام مبتسما وبنبرة رخيمة ودافئة
أنا بخير الحمدلله ياماما إنتوا عاملين إيه
أجابت عليه ببهجة صوتها
كلنا زي الفل مش ناقصنا غيرك ياغالي مش ناوي تنزل إجازة بقى على الأقل يابني
ماهو أنا متصل عشان كدا ياست الكل
صاحت في دهشة
بجد ياهشام نازل مصر !
نكزتها ابنتها في ذراعها برقة تهتف بإلحاح وحماس لمحادثة أخيها
بيقولك إيه !!! ادهوني ياماما أكلمه وحشني أوي
لوحت لها بيدها وابعدت كفها بعدم اهتمام واستمعت لابنها الذي قال
النهارده بليل إن شاء الله جاي
لم تتمالك نفسها من الصدمة فانهمرت دموعها فوق وجنتيها بغزارة وكتمت شهقتها بكف يدها حتى لا يخرج صوتها إليه من فرط سعادتها لم تتحكم في زمام عباراتها سوف يعود أخيرا لهم بعد غياب دام لخمس سنوات
انقبض قلب ابنتها فور رؤيتها لدموعها فجذبت الهاتف من يد أمها ووضعته فوق أذنها تهتف في تلهف وعدم استيعاب
هشام إنت بجد جاي ولا بتهزر !!!
أيوة النهارده بليل بإذن الله هكون عندكم
انطلقت منها صړخة اخترقت اذناه بقوة وهي تثب جالسة من مقعدها وقد أدمعت عيناها من سعادتها فلو تركت زمام دموعها لاڼفجرت مثل أمها بينما هو فهتف شبه ضاحكا بريبة
بت يا الأء ردي عليا أنا قلقت الأول أمك ودلوقتي إنتي !
هدرت في نبرة مغلفة بالبكاء
من الفرحة مش مصدقين أخيرا هترجع ياهشام
ولا أنا مصدق والله أنا من امبارح مش عارف أنام من كتر التفكير وحشتوني أوي
ألاء بمشاكسة
كذاب لو وحشناك كنت نزلت زيارة وشوفتنا حتى ده إنت آخر مرة نزلت فيها زيارة كانت من تلات سنين ويدوب اخدت اسبوع وسافرت تاني !
هشام ضاحكا وبنبرة رجولية جميلة
إن شاء الله المرة دي مفيش غياب تاني
ألاء بذهول وعدم استيعاب
واحدة واحدة علينا ياعم أنا كدا هقعد جمب الوالدة واعيط زيها
هي بټعيط جامد بجد !!!
ألاء ضاحكة في سعادة غامرة
دي خلصت علبة مناديل في الدقيقتين دول بس
طيب ادهاني اكلمها !
ألاء برفض وحماس
لا روح إنت جهز شنطتك بس وجهز حاجتك يلا و
أنا هي هنسهقبلك بليل احلى استقبال
قهقه بخفة واستمر حديثه معها لدقائق أخرى حتى ودعها واغلق بعدما طرأ له عمل طاريء بالمستشفى واضطر لإنهاء حديثه مع عائلته
كانت أسمهان تقف أمام خزانتها تبحث بين ملابسها عن ذلك الدفتر الصغير الخاص بها وأثناء بحثها وقعت يدها على صور قديمة لا تعرف كيف تلك الصورة لا تزال معها ! تذكر أنها
ألقت بها في القمامة منذ زمن طويل !
التقطتها بين يديها تتطلع إليها بصمت وقد احتدمت نظراتها بشدة لتشوبها غمامة من الغل والبغض مجرد تذكرها لذلك اليوم يثير چنونها واشمئزازها ليتها أبت ولم تنصاع خلف أصوات قلبها السخيفة لكن ماذا يفيد الندم بعد فوات الآوان بل في الواقع كلاهما لا يحق لهم الندم أساسا
سمعت صوت طرق الباب فأخفت الصورة بين كفيها وصدح صوتها الحازم
ادخل
دخلت إحدى الخادمات تحمل فوق يديها الطعام الخاص بها هاتفية
اتفضلي يا هانم
أسمهان باستغراب وحدة
جايبة الأكل هنا ليه آدم زمانه على وصول وهناكل مع بعض !
ابتلعت الخادمة ريقها بتوتر من العاصفة التي ستهب الآن إذا أخبرتها بما حدث لكن بالأخير ردت مغلوبة
آدم بيه مش جاي على الغدا النهارده
أسمهان بحيرة
ليه مش جاي وإزاي عرفتي
من شدة توترتها ظهر التعرق فوق جبهتها حيث ردت باضطراب وخوف
ليلى اتصلت بيا وقولتالي ابلغ حضرتك إن آدم بيه راح المستشفى عند البنت اللي اسمها مهرة لأن جدتها تعبانة
اشتعلت عينان أسمهان بالنيران لتسأل في تأكيد
مهرة دي البنت اللي لسا شغالة جديد في الشركة مش كدا !
أماءت لها الخادمة برأسها في إيجاب وحين رفعت نظرها تتطلع لأسمهان رأتها عبارة عن جمرة ملتهبة واخذت تتحرك يمينا ويسارا صائحة في عصبية
بيعمل إيه
مع البنت البيئة دي ماشي يا
آدم
اقتربت الخادمة ووضعت الطعام فوق الطاولة پخوف ثم
همست في خفوت مضطرب
عن أذنك
وفورا استدارت وهرولت مسرعة تغادر قبل أن تفقد أعصابها أكثر من ذلك فتكون هي كبش الفداء وتخسر عملها دون سبب !!
يقف على مسافة ليست ببعيدة منها يتأملها بأعين محبة ترتدي ثوبها الصباحي الأحمر ذو الأكمام الطويلة شعرها يتطاير حولها بفعل نسمات الهواء الرقيقة وبيدها تمسك دلو سقى الزرع تقوم بسكب الماء من الفتحات الصغيرة في الدلو تسقي بها ورودها الحمراء مثلها وفوق شفتيها ابتسامة ناعمة تسرق العقل
هي زهرته الجميلة التي تنثر عبقها بكل مكان تخطوه قدميها الناعمتين فتسلبه عقله بشذا عطرها المميز
تقدم منها بخطوات هادئة فيراها وهي تنحنى بوجهها على الزهور تستنشق رائحتهم وفور شعورها به بجوارها رفعت رأسها وقالت في عفوية بإشراقة وجه
شكلهم جميل أوي مش كدا
لم يحيد بنظره عنها وهو يتأملها مبتسما ويجيب هامسا بعينان ثابتة عليها غير مباليا بتلك الزهور بجانب زهرته الأجمل على الأطلاق
امممم جميلة أوي
انتبهت لنظراته لها فارتبكت قليلا واسرعت تشيح بنظرها عنه تهتف في جمود بعدما رأته مردتيا ملابسه ومستعدا للذهاب
إنت رايح الشغل
همهم بصمت دون أن يجيب ثم انحنى عليها يقبل وجنتها بلطف ولم يمهلها اللحظة حتى ترمقه بشراسة كالعادة على فعلته حيث تابع فور قبلته
النهارده هاخد رمانتي ونتعشى برا ونقضى وقت لطيف جهزي نفسك بليل
غضنت حاجبيها باستغراب وهتفت في جدية
ليه إيه المناسبة !!!
عدنان بخفوت جميل وابتسامة
من غير مناسبة مش لازم يكون في مناسبة عشان اخدك ونطلع نقضي وقت لطيف مع بعض
ابتسمت باستنكار عاقدة ذراعيها أمام صدرها تلقي عليه بسهام كلماتها القاسېة
امممم أصل مش متعودة على الاهتمام منك أو إنك تفكر فيا أساسا عشان كدا مستغربة
تلاشت ابتسامته ونجحت بالفعل في مبتغاها لكنها وجدته يمد أنامله لخصلاتها يبعدها عن عنيها هامسا في نظرة ذات معنى ونبرة جادة تحمل وعيدا عاطفيا
وأنا سبق ووعدتك إنك هتشوفي شخص تاني ياجلنار وقولتلك إنك من هنا ورايح هتاخدي وبس مني يعني اتعودي على الاهتمام والحب ده
جلنار باسمة بسخرية وصوت يضمر خلفه المرارة
حب وهتديني الحب إزاي وإنت مش بتحبني ياعدنان !!
رأته ينحنى مجددا عليها يلثم وجنتها بقوة ثم يهمس بالقرب من أذنها بنبرته الرجولية العاطفية
ومين قالك إني مبحبكيش !
صابها السكون الممتزج بدهشتها من رده وكالمرة السابقة لم يترك لها الفرصة لتجيب حيث ابتعد وقال غامزا
جهزي نفسك بليل زي ما قولتلك أنا همشي عشان اتأخرت
وباللحظة التالية كان يثير مبتعدا في اتجاه سيارته يتركها متصنمة مكانها بعدم فهم أو استيعاب لما تفوه به للتو
توقف بسيارته أمام مبنى المستشفى ثم ترجل منها وقاد
خطواته السريعة للداخل كانت إحدى المستشفيات العامة مكتظة وممتلئة بالمرضى والأطفال وجميع الفئات وقف للحظة يتجول بنظره في الأرجاء يبدو أنا سيبحث عنها بنفسه !
اتجه نحو الدرج يصعد للطابق الثاني ثم وقف بمقدمته وعيناه تبحث عنها لكن لا وجود لها فأكمل صعوده للطابق الثالث والأخير ليندفع يسير به باحثا عنها وأخيرا عيناه التقطتها تجلس فوق أحد المقاعد وتبكي پعنف ثم ترفع أناملها تجفف دموعها بظهر يدها كالأطفال دون أن تتوقف عن ذرف الدموع
تقدم منها في خطوات شبه سريعة حتى وصل إليها فانحنى عليها بجسده يضع كفه برفق فوق كتفها هامسا
مهرة !
نبرة صوته مميزة تستطيع تميزه به وسط جيش من الرجال أو ربما قلبها هو من يميزه رفعت رأسها بسرعة تتطلعه بعيناها الغارقة ولم تشعر بنفسها سوى وهي تهب واقفة تتعلق برقبته وتبكي بنشيج مرتفع
انتابها شعورا بالآمان فور رؤيتها له ودفعها قلبها لمعانقته والتعلق به كطوق النجاة الذي سيأخذ بيدها النور مشاعر غريبة تتمكن منها وبقدر ما هي تخيفها إلا أنها جميلة !
الدكتور قال إن في انخفاض حاد في نسبة السكر ودخلت في
غيبوبة سكر
تملكه القلق هو الآخر حيث أبعدها عنه بلطف وهتف
هي عندها السكر !
هزت رأسها بالإيجاب وتابعت في ندم وألم
كله بسببي يارتني قولتلها أنا يمكن مكنش ده حصلها كانت هتسمع منى احسن ما تسمع من
الغريب
طيب اهدي واقعدي الأول بس وفهميني هو ده حصل إزاي !
جففت دموعها وردت بصوت مبحوح مجفلة نظرها الأرض بخجل ومرارة
واحدة من الجيران جات عندنا وقالتها على اللي حصل معايا لما اتخطفت وكمان على الكلام والأشاعات اللي طلعتها عليا اللي متتسمي بدرية الهي ربنا ينتقم منها مطرح ما هي مرزوعة
وطبعا هي أول ما سمعت الكلام ده تعبت ومقدرتش تستحمل
آدم عاقدا حاجبيه باستغراب
اشاعات !!!
هتفت مسرعة في أسى وخنق دون أن ترفع نظرها عن الأرض
قالت عليا كلام مش كويس
متابعة القراءة