حكاية كاملة بقلم رحاب إبراهيم
المحتويات
رضوى بفنجان القهوة الساخن وقالت هتخرسي ولا البسه في وشك! أشارت سما وهتفت أخرجي براااا يا خرسيسة ابتعدت ضاحكة حتى كتمت رضوى ضحكتها أيضا وهي تخرج من المكتب.. دلفت رضوى للمكتب مرة أخرى..وتوجهت اليه ثم وضعت الفنجان التي تطاير منه الأدخنة المتمايلة وقالت بحدة القهوة نظر لها بمقت وقال دي طريقة لتقديم القهوة بذمتك! مجيتك عليا كده حسيت زي المصېبة اللي بتطب على البني آدم..براحة عليا يا رضوان أنا لسه صغير.. ظهرت ابتسامة متمايلة على شفتيه وهو يرى اقتضابها جلست مرة أخرى على ذات المقعد وقالت خلصت الملف انزل قدماه من على المكتب بحدة وقال بعصبية حقيقية بقولك ايه مش عشان هزرت شوية تقومي تسوقي فيها !! انتي شغالة عندي مش العكس يعني مالكيش تسألني أنا اللي أسأل وبس لحدما الدنيا تتزبط يأما يبقى ليا مكتب خاص يأما مايبقاش ليكي وجود من أصله... نظرت له بصمت اغاظه ثم قالت تمام.. رمقها ببعض التعجب فقد اعتقد أنها ستثور أكثر من هذا الهدوء المرتسم على ملامحها...رفع كوب القهوة ليرتشف منه بضع قطرات ثم قال بصدق القهوة حلوة..شكرا لم تجيبه وفهم أنها تعمدت عدم الحديث فسر على أسنانه بغيظ.. مرت سما أمام حميدة عائدة لمكتب آسر وهي تحمل كوبين من القهوة...رمقتها حميدة ببسمة خفية وقالت فنجانيين قهوة! ربنا يستر.. دلفت سما للمكتب وهي تتردد في الابتسامة حتى وجدت آسر يجلس على مكتبه ببعض الشرود فوضعت أحد الفنجانين أمامه ليقل نسيت أقولك بشربها
وارتسم الخجل على محياها وقالت حسيت ابتسم ابتسامة طفيفة وقال طب استراحة بقى..اشربي قهوتك.. انشغل بتصفح هاتفه وهو يرتشف من القهوة قطرة بعد الأخرى حتى ضاقت من تجاهله وشربت من الفنجان بغيظ..رمقته بمكر ثم قالت هما العملا كلهم رجالة تعجب من سؤالها وأجاب لحد دلوقتي آه ليه! قالت وهي تبتسم بداخلها رغم أن اجابتها كانت صادقة أصل مش متعودة اشتغل مع رجالة.. وضع كوب قهوته وتسائل أنتي اشتغلتي قبل كده أجابت بصدق اشتغلت مرتين..مرة في مصنع ومرة في محل بس لما حميدة لقيتني بتعب من كتر الوقفة طول النهار مانعوني هي وجميلة ورضوى أني اشتغل...أصل مرة اغمى عليا رقت نظرته ببعض الشفقة وتسائل بس وافقت أنك تشتغلي هنا !! أجابت سما بتوضيح وافقت عشان هكون معاها في مكان واحد وكمان هنا مش. زي المصنع أو المحل.. ابتسم بنظرة حنونة وقال اكيد...ماتقلقيش يا سما مش هتعبك قالت سما بخفوت سما كده حاف..ياروح قلبي لم ينتبه لما قالته فأضاف بقصد اطمئنانها ليس أكثر وبعدين العملا مش هتقابليهم غير لما اكون معاكي وكده كده شغلنا هيكون في تنفيذ التصميمات أول ما اديكي اوك في شغل أي مشروع تبدأي مواعيده مع فريق المهندسين وبرضو هكون معاكي ما تقلقيش.. قالت ببسمة خجولة لا خالص مش قلقانة..طالما أنت موجود عاد آسر لأرتشاف القهوة وتصفح صفحته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عبر هاتفه... بينما طافت سحابة حلم يقظة بعين سما....وكان هتف آسر مش قولتلك ما تلبسيش اللون الأحمر تاني! سما بخجل اسفة نسيت آسر بعصبية يعني مش مكفيكي خناق المرة اللي فاتت مع العميل لما عاكسك وبتكرريها المرادي كمان كررت سما اعتذارها خلاص بقى آسفة ما تزعلش نظر لها بحدة وقال أنتي عارفة أني بتجنن لما بلاقي حد بيبصلك! سما بمكر ليه جذبها اليه وهمس عشان بحبك يا مچنونة خرجت سما من حلم اليقظة بابتسامة حالمة وهي تجيب وانا كمان حبيتك يا أسورة اتسعت عيناها عندما ادركت موقعها فنظرت له وحمدت انشغاله بالهاتف تنهدت براحة وهي تطرق على رأسها بابتسامة ... أمام أحد الأبنية الماثلة على اعمدة واسقف فقط دون حوائط...خرج جاسر من سيارته دون أن يعير من معه أي اهتمام خرجت جميلة من السيارة وتبعته للداخل... استقبل جاسر رجل يبدو من هيئته أنه رئيس العمال ورحب به ثم بدأ يوضح له كل ما يخص العمل...جالت نظرة حميدة على المبنى حولها فهذه المشاهد لا تبدو غريبة عليها...رمقها جاسر بمكر وقال عارفة الأدوار الخمسة دول اجابت جميلة بثبات آه قال مشيرا للدرج عديلي عدد درجات السلم نظر له رئيس العمال بتعجب بينما تطلعت جميلة اليه بصمت وقالت احسن من الواقعة حتى.. زفر بفيظ فتوقع أيضا أن يستفزها ولكنها لم يهتز لها رمش!! ابتعدت عنه جميلة ورويدا رويدا بدأ الڠضب يظهر عليها وهي تصعد أولى الدرجات وقالت مش هسيبه يستفزني ويغيظني بينما تابع جاسر حديثه مع رئيس العمال الذي اوضح له كل شيء بالمكان... بعد مرور مايقرب ساعة...عادت جميلة بوجه ممتقع من الصعود والهبوط حتى وقفت أمامه قائلة وهي تلهث ٣٠٠ أجاب جاسر أمام عدد من العمال ٣٠٠ ايه قالت جميلة بحدة درجات السلم!! أجاب جاسر بضحكة ليه هو السلم الموسيقى مين اللي قالك تعدي السلم يا غبية!! ضحك العاملين عليها فوقفت أمامهم بحرج نظرت له پغضب ثم ذهبت من المبنى...اعتقد جاسر أنه ستنتظره بالسيارة فطال الحديث مع الرجل.. مضت جميلة بالطريق وطفرت دمعة من عيناها من سخريته أمام الآخرين واستقلت أحد الميكروباصات حتى مبنى المكتب عائدة اليه... مضى بعض الوقت حتى استطاعت أن تهدأ وخرجت من السيارة للمبنى مباشرة.... اما بالموقع كان جلسر قد انتهى للتو من فهم بعض الأشياء وتوضيح العمل..فخرج الى سيارته وظن أنه سيدخل معها بشجار مباشر ولكنه تفاجئ بخلو السيارة!! وقف صامتا لدقيقة وقال شكلها مشيت..يلا احسن دخل سيارته دون اكتراث للأمر حتى وصل أمام المبنى التي تقطن بها شقته قبل ان تصبح مكتب..ترجل من السيارة وهو يصفر بفمه..حتى صعد للطابق الثالث ودلف للمكتب... رمقته حميدة بنظرة سريعة وعادت لعملها بينما لم يلتفت له يوسف الذي انشغل بمكالمة هاتفية ويبدو أنها مع احد العملاء.. دلف لمكتبه ليتفاجئ بجلوسها على ذات المقعد ولا يبدو عليها أي ڠضب أو غيظ!! قال بحدة بحسبك مشيتي! أجابت وهي تنظر للملف وودت لو تجاهلته همشي لما وقت الشغل ينتهي.. جلس أمام مكتبه بغيظ وهتف واحدة غيرك كان زمانها مشيت وما شوفتش وشها تاني!! تابعت تجاهله بنظراتها وقالت واحدة غيري بقى وبعدين أنا مش فاهمة ايه اللي مضايقك مني للدرجة دي! زفر بعصبية وقال
قول كده أنت عايز سكرتيرة من اللي... قطعت جملتها عن قصد وبنظرة ساخرة تابعت قرائتها بالملف فهب واقفا بعصبية وڠضب وهتف انتي أزاي تتكلمي معايا بالطريقة دي انتي بتعامليني الند بالند وناسية أنك المفروض بتشتغلي عندي! وثبت من مقعدها ووقفت أمامه تتحداه بقوة بشتغل بس مش خدامة عندك عشان تتعامل معايا كده ولا عشان مش قليلة الأدب ولا بصيتلك اصلا قررت تجيب سكرتيرة تانية!! ضيق عيناه بذهول وأشار لها بإستهزاء أنتي تبصيلي! أنتي واعية للي بتقوليه ! انتي ما تطوليش حتى تحلمي بيا.. ضحكت بسخرية وقالت أنت!! مش عايزة اقولك أنك ما تحركش فيا رمش عين حتى!! ولما اجي ابص فأكيد هيكون زينة الشباب وراجل بمعنى الكلمة..واظن واضح مين اللي مضايق فينا انا مش بفكر غير في الشغل لكن أنت هتجنن وده كله عشان ما وقعتش من طولي ساعة ما شوفت طلتك البهية..لو عايز فنجان قهوة تاني عشان تفوق قولي وهعملهولك ورانا شغل... تطاير الشرر بعيناه ونظر لها بإحتقار وفكرك أنك هتقعدي هنا ساعة كمان ! وقالت العقد اللي مضيته بست شهور قتمت عيناه واصبحت كالكتلة الملتهبة وهتف آه ماشي خليكي بس استحملي اللي هيحصلك.. نظرت جميلة لساعتها وقالت وقت الغدا جه هروح اتغدى وراجعة خرجت وكم کرهت ذلك العقد اللعېن الذي اجبرها على المكوث بهذا الچحيم... أعد يوسف بالخارج بعض المأكولات على طاولة مستطيلة الشكل وهتف على الجميع وقال _ يلا هناكل كلنا مع بعض النهاردة أول يوم شغل لازم نحتفل بيه نهضت حميدة ورتبت الطعام الذي اعدته بالأمس ليلا وأخذت جميلة التي جلست شاردة على احد المقاعد وقالت تعالي كلي انا عاملة كفته من اللي بتحبيها.. امتنعت جميلة لبعض الوقت ولكن لم نهضت تحت إصرار حميبدة بينما خرج آسر ومعه سما من مكتبه وتبعه رعد التي سبقته رضوى وقالت المرأة اولا تمتم بغيظ مش لما تكون مرأة الأول ! التف الجميع حول الطاولة وبدأو بتناول الطعام وحمدت جميلة ربها أن ذلك المتعجرف لم يشاركهم ولكن راحتها لم تدم كثيرا فخرج واعتلت ملامحه الضيق...اقترب ووقف ناظرا للطعام لبرهة وكأنه يكتشف أنواعه ثم رفع عيناه لجميلة بنظرة غامضة وللعجب تبدل ضيقه للمرح..مثلما رأته أول مرة...قال يوسف بفكاهة _حلو الغدا الجماعي ده عشان نبقى ايد واحدة بجد قال جاسر بسخرية انا داخل من خمس. دقايق وكنت بتاكل وسايبك الصبح وانت بتاكل... قال يوسف ليغيظه وهفضل اكل ملكش دعوة.. قال آسر بابتسامة سيبه يا جاسر براحته تنهدت سما وتمتمت بسرية حونين كلما رفعت جميلة عيناها بالصدفة تأت نظرتها بنظرة جاسر الذي يبدو وكأنه يقصد التطلع اليها مطولا...ماذا يفكر هذا الرجل! ارتبكت بمزيج من القلق والتعجب والسخرية...فالبتأكيد يضمر لها المكائد حتى ترحل من نفسها... انتهى وقت الغداء..وعاد الجميع للعمل بينما شعرت جميلة ببعض التوتر في الانفراد معه مجددا... دلفت للمكتب وحاولت أن تبدو ثابته بينما جلس جاسر أمام مكتبه بصمت مطبق..صمت مربك يحرك قلم بين أطراف أنامله وشارد بعض الشيء الا من بعض النظرات التي يوجهها اليها بين الخين والأخر...فتساءلت بحيرة إن كان هذا أول أيام العمل فكيف يكن الأت.... بمطار القاهرة... اعلنت راية اقلاع الطائرة الآتية وقد دقت الساعة السابعة مساء... حمل وجيه معطفه على ذراعه وبيده الأخرى باسبور السفر فقد نظم هذه الرحلة منذ اسبوعين لحضور مقابلة هامة مع أحد ملاك الشركات الأجنبية لبدء صفقة جديدة... جلس بالطائرة بعد دقائق وكان مقعده جانب إمرأة ترتدي قبعة نسائية تخفي جزء كبير من جبهتها ونظارة شمسية تخفي عيناها..جلس بهدوء ورشاقة حتى أتت أحدى المضيفات
قبل أن تعود لنشاطها بالعمل مرة أخرى ويكون الفرع
متابعة القراءة